ما ظننت إلا أنه صعيد من الصّعدات (١) ، فبلت فيه ، فأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصبّ على بوله.
وروى محمد بن إسحاق بن خزيمة في صحيحه وغيره أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحفر موضع بوله ، وطرحه خارج المسجد.
المسألة الحادية عشرة ـ رأى جماعة من العلماء أن الدلو يكفى لبول الرجل في إزالة عينه وطهارة موضعه ، وليس لذلك حدّ ، لأن الدّلو غير مقدّر ، وما لم يكن مقدرا لا يتعلق به حكم.
ألا ترى أنّ الشافعى تعلّق بحديث القلّتين ، وجعله تقديرا ، وخفى عليه أنّ الحديث ليس بصحيح ، بدليل أنّ الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم علق عليه الحكم ، وهو مجهول ساقط ، إذ لو كان النبىّ صلى الله عليه وسلم علّق عليه الحكم لعلّقه على معلوم ، كما علم الصاع والوسق ، حتى كان الحكم المعلّق عليه شرعا ، المقدّر به صحيحا. وإنما المعوّل في إزالة النجاسة على الاجتهاد في صبّ الماء ، حتى يغلب على الظن أنها زالت.
المسألة الثانية عشرة ـ لما قال الله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) توقّف جماعة في ماء البحر ، لأنه ليس بمنزّل من السماء ، حتى رووا عن عبد الله بن عمرو ابن عمرو معا أنه لا يتوضّأ به ، لأنه ماء نار ، ولأنه طبق جهنم.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن حكمه حين (٢) قال لمن سأله عن جواز الوضوء به : هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته.
وهذا أصحّ مما ينسب إلى أبى هريرة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص أنهما قالا : لا يتوضّأ بماء البحر ، لأن الماء على نار ، والنار على ماء ، والماء على نار. حتى عدّ سبعة أبحر ، وسبعة أنوار. وأبو هريرة هو راوي حديث : «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».
وقد روى عمرو بن دينار ، عن أبى الطفيل ـ أنّ أبا بكر الصديق قال في البحر : هو الطّهور ماؤه الحل ميتته.
__________________
(١) الصعدات : الطرق (النهاية).
(٢) في ا : حتى.