ما أكثر ما يكون الماء فيها؟ قال : إلى العانة. قلت : فإذا نقص ماؤها؟ قال : إلى العورة (١).
قال أبو داود : فقدرتها بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع. وسألت الذي فتح لي باب البستان [فأدخلنى إليها] (٢) : هل غيّر بناؤها عما كانت عليه؟ فقال : لا. قال أبو داود : ورأيت ماءها متغيّر اللون جدّا.
قال الفقيه القاضي أبو بكر رضى الله عنه : تغيّر ماؤها ، لأنها في وسط السبخة ، فماؤها يكون قرارها. وبضاعة دور (٣) بنى ساعدة ، ولها يقول أبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي (٤) :
نحن حمينا عن بضاعة كلّها |
|
ونحن بنينا معرضا (٥) هو مشرف |
فأصبح معمورا طويلا قذاله |
|
وتخرب آطام بها وتقصّف |
المسألة العاشرة ـ من أصول الشريعة في أحكام المياه أنّ ورود النجاسة على الماء ليس كورود الماء على النجاسة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ؛ فإن أحدكم لا يدرى أين باتت يده.
فمنع من ورود اليد على الماء وأمر بإيراد الماء عليها ؛ وهذا أصل بديع في الباب ، ولو لا وروده على النجاسة قليلا كان أو كثيرا لما طهرت.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في بول الأعرابى في المسجد : صبّوا عليه ذنوبا من ماء. روى أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، فبايعه وصلّى ركعتين ، ثم لم يلبث أن قام ففشج (٦) ـ يعنى فرج بين رجليه ـ فبال في المسجد ، فعجل الناس إليه ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزرموه (٧) ، ثم دعا به، فقال : ألست برجل مسلم؟ قال : بلى. قال : فما حملك على أن بلت في مسجدنا؟ قال : والذي بعثك بالحقّ
__________________
(١) في ياقوت والقرطبي : دون العورة.
(٢) من ياقوت.
(٣) في ياقوت : هي دار بنى ساعدة. وبئرها معروفة.
(٤) معجم ما استعجم. مادة بضاعة.
(٥) معرض : أطم بنى ساعدة.
(٦) قال في النهاية : ورواه أبو عبيدة بتشديد الشين.
والتفشيج أشد من الفشج.
(٧) لا تزرموه : لا تقطعوا عليه بوله (النهاية).