أحدهما ـ أنّ الغسل معدود (١) بسبع.
الثاني ـ أنه جعل للتراب فيها مدخلا ، ولو كان لنجاسة لما كان للتراب فيها مدخل ، كالبول ، عكسه الوضوء لما كان عبادة دخل التراب مع الماء.
ورأى مالك طرح الماء تقذّرا لا تنجّسا ، أو حسما لمادة الخلاف ، أو لأنه حيوان يأكل الأقذار ، ولا يحتاج إليه ، فيكون من الطّوافين أو الطوّافات ، وقد استوفينا القول عليه في الفقه.
المسألة التاسعة ـ إذا ولغت السباع في الماء :
كلّ حيوان عند مالك طاهر العين حتى الخنزير ، كما بيناه في مسائل الخلاف ، ولكن تحرّر من مذهب مالك أنّ أسآر السباع مكروهة ، لما بيناه في مسألة الكلب ، من أنها تصيب النجاسات ، وليست من الطوّافين ولا من الطوّافات.
وقال أبو حنيفة : أسآر السباع نجسة. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن حياض تكون بين مكة والمدينة تردها السباع ـ وفي رواية : والكلاب ـ فقال : لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما بقي غير شراب وطهور.
وفي الموطّأ أن عمر وعمرا وقفا على حوض ، فقال عمرو : يا صاحب الحوض ، هل ترد حوضك السباع؟ فقال له عمر : يا صاحب الحوض ، لا تخبرنا ، فإنّا نرد على السباع ، وترد علينا. وهذا لأنّ الماء كان كثيرا ، ولو كان قليلا لكان للمسألة حكم قدّمناه قبل في هذه الآية.
وقد روى عن سهل بن سعد أنّ امرأة دخلت عليه مع نسوة ، فقال : لو أنى سقيتكنّ من بئر بضاعة لكرهتنّ ذلك. وقد والله سقيت منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي.
وهذا أيضا لأنّ ماءها كان كثيرا لا يؤثر فيه محائض النساء ، وعذر الناس ، ولحوم الكلاب.
وقد قال أبو داود : سمعت قتيبة بن سعيد قال : سألت قيّم بئر بضاعة عن عمقها ، قلت :
__________________
(١) في القرطبي : أن الغسل قد دخله العدد.