كاملا موفّرا طيبة به نفسه أحد المتصدّقين. ولا بد للخازن من أن يأكل مما يخزن إجماعا. وهذا إذا لم تكن له أجرة ، فإن استأجره (١) على الخزن حرم الأكل.
وأما مال العبد فيدخل في قوله : «أو بيوتكم» ، لأن العبد وماله ملك للسيد.
وأما من قال : إنه منزل الرجل نفسه فخطأ محض ، لأن ذلك قد أفاده قوله : «أو بيوتكم» ، كما بيّنا أنّ بيت الابن يدخل فيه ، فبيت العبد أولى وأحرى بإجماع.
وأما بيت الصديق ، فإنه إذا استحكمت الأخوّة جرى التبسّط عادة ، وفي المثل : أيهم أحبّ إليك أخوك أم صديقك؟ قال : أخى إذا كان صديقي.
قال لنا الإمام العادل أبو الفضائل بن طوق ، قال لنا جمال الإسلام أبو القاسم القشيري إمام الصوفية في وقته : عزيز من يصدق في الصداقة ، فيكون في الباطن كما هو في الظاهر ، ولا يكون في الوجه كالمرأة ومن ورائك كالمقراض ، وفي معناه ما قلت :
من لي بمن يثق الفؤاد بودّه |
|
وإذا ترحّل لم يزغ عن عهده |
يا بؤس نفسي من أخ لي باذل |
|
حسن الوفاء بقربه لا بعده |
يولى الصفاء بنطقه لا خلقه |
|
ويدسّ صابا في حلاوة شهده |
فلسانه يبدي جواهر عقده |
|
وجنانه تغلى مراجل حقده |
لا همّ إنى لا أطيق فراسة |
|
بك أستعيذ من الحسود وكيده |
المسألة العاشرة ـ في تمام المعنى في الآية من قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً).
فيه أربعة أقوال :
الأول ـ أنها نزلت (٢) في بنى كنانة ، كان الرجل منهم يحرّم على نفسه أن يأكل وحده ، حتى إن الرجل ليقيم على الجوع حتى يجد من يؤاكله ، وكانت هذه السيرة موروثة [عندهم] (٣) عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان لا يأكل إلّا مع غيره.
__________________
(١) في القرطبي : فأما إذا كانت له أجرة على الحزن ...
(٢) في القرطبي : إنها نزلت في بنى ليث بن بكر ، وهم حي من بنى كنانة ، وما هنا في أسباب النزول : ١٩١.
(٣) من القرطبي.