وأما القول بأنه بيان لقوله (١) : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) فينتظم معنى ، لكن ذكر الزّمانة غير مختصّ به ولا منتظم معه.
وأما القول الخامس في أكل الأصحّاء مع الزّمنى فذلك مدخول بما دخل به القول الأول ، من أنّ نظام الكلام في نفى الحرج عن الناس في الزّمنى لا عن الزّمنى فيهم.
وأما السادس فحسن جدّا ، وكذلك السابع مثله لو عضدته صحّة النقل.
المسألة التاسعة ـ في المختار : وذلك أن يقال : إن الله رفع الحرج عن الأعمى فيما يتعلّق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر ، وعن الأعرج فيما يشترط في التكليف به المشي ، وما يتعذّر من الأفعال مع وجود الحرج ، وعن المريض فيما يتعلّق بالتكليف الذي يؤثّر المرض في إسقاطه كالصوم ، وشروط الصلاة ، وأركانها ، والجهاد ، ونحو ذلك. ثم قال تعالى بعد ذلك مبنيا : وليس عليكم حرج في أن تأكلوا من بيوتكم فهذا معنى صحيح ، وتفسير مفيد ، لا يفتقر في تفسير الآية إلى نقل ، ويعضده الشرع والعقل ، فأما الأكل من مال الأزواج فذلك جائز للزوجة فيما ليس بمحجوب عنها ، ولا محرز منها ، قال النبىّ صلى الله عليه وسلم (٢) : إذا أنفقت المرأة من مال زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ، وللزوج مثل ذلك.
وأما ما كان محرزا عنها فلا سبيل لها إليه ، وكذلك الزوج يأكل من مال زوجه غير مفسد ، لكن الزوجة أبسط ، لما لها من حقّ النفقة ، ولما يلزمها من خدمة المنفعة.
وأما بيت الابن فقد تقدّم أنه كبيت المرء نفسه ، لكن كما بيناه فيما كان غير محرز ، فلا يتبسط الأب على الابن في هتك حرز وأخذ مال ، وإنما يأكله مسترسلا فيما لم يقع فيه حيازة ، ولكن بالمعروف دون فساد ولا استغنام.
وأما بيت الأب للابن فمثله ، ولكن تبسّط الابن اقلّ من تبسط الأب ، كما كان تبسّط الزوج أقلّ من تبسط الزوجة.
وأما بيوت سائر القرابة الذين ذكروا في الآية فلا يلحق بذلك ولا سبيل إليه.
وأما بيت ملكتم مفاتحه فهو الوكيل ، قال النبي : الخازن الأمين الذي يعطى ما أمر
__________________
(١) سورة النساء ، آية ٢٩.
(٢) صحيح مسلم : ٧١٠.