عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فيها اثنتا عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ هذه آية خاصة ، والتي قبلها عامة ، لأنه قال فعمّ (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) ، ثم خصّ هاهنا : فقال : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، فخصّ في هذه الآية بعض المستأذنين ، وهم الذين ملكت أيمانكم من مسألة جميع المسلمين في الآية قبلها ، وكذلك أيضا تناول (٢) القول في الآية الأولى جميع الأوقات عموما ، وخصّ في هذه الآية بعض الأوقات ، وهي المفسرة على ما يأتى ذكره إن شاء الله.
المسألة الثانية ـ في قوله : (مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنهم الذكران والإناث.
الثاني ـ أنه العبد دون الأمّة ، قاله ابن عباس ، وابن عمر.
الثالث ـ أنهن الإناث ، قاله أبو عبد الرحمن السلمى.
المسألة الثالثة ـ هل الآية محكمة أو منسوخة؟
فقال ابن عمر : هي محكمة ، يعنى في الرجال خاصّة. وقال ابن عباس : قد ذهب حكمها ، روى عكرمة أنّ نفرا من أهل العراق سألوا ابن عباس ، فقالوا : يا ابن عباس ، كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ، فلا يعمل بها أحد ، قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ... وقرأها إلى قوله تعالى : (عَلى بَعْضٍ)؟ فقال ابن عباس : إنّ الله رفيق بجميع المؤمنين يحبّ الستر. وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال (٣) ، فربما دخل الخادم أو ولده أو يتيمه ، والرجل على أهله ، فأمر الله بالاستئذان في تلك العورات ، فجاءهم الله بالستور ، والخير ، فلم أر أحدا يعمل بذلك.
__________________
(١) آية ٢٧ من السورة.
(٢) في القرطبي : يتأول.
(٣) الحجال : جمع الحجلة ـ بالتحريك ـ وهو بيت كالقبة يستر بالثياب.