ومحمد ، ولعبد المطلب ، وابنه عبد الله ، فالمشكاة هي الكوّة بلغة الحبشة ، فشبّه عبد المطلب بالكوّة فيها القنديل ، وهو الزجاجة ، وشبّه عبد الله بالقنديل وهو الزجاجة ، ومحمد كالمصباح ، يعنى من أصلابهما ، وكأنه كوكب درّيّ وهو المشترى ، يوقد من شجرة مباركة يعنى إرث النبوة من إبراهيم ، هو الشجرة المباركة ، يعنى حنيفية لا شرقية ولا غربية ، لا يهودية ولا نصرانية ، يكاد زيتها يضيء ، ولو لم تمسسه نار.
يقول : يكاد إبراهيم يتكلم بالوحي من قبل أن يوحى إليه ، نور على نور إبراهيم ثم محمد.
قال الفقيه القاضي أبو بكر رحمه الله : وهذا كلّه عدول عن الظاهر ، وليس يمتنع في التمثيل أن يتوسّع المرء فيه ، ولكن على الطريقة التي شرعناها في قانون التأويل لا على الاسترسال المطلق الذي يخرج الأمر عن بابه ، ويحمّل على اللفظ ما لا يطيقه ، فمن أراد الخبرة به والشفاء من دائه فلينظر هنالك.
الآية الموفية عشرين ـ قوله تعالى (١) : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ اختلف في البيوت على ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنها المساجد ، وهو قول ابن عباس ، وجماعة.
الثاني ـ أنها بيت المقدس ، قاله الحسن.
الثالث ـ أنها سائر البيوت ، قاله عكرمة.
المسألة الثانية ـ قوله : (تُرْفَعَ) فيها ثلاثة أقوال :
الأول ـ تبنى ـ كما قال (٢) : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) ، قاله مجاهد.
الثاني ـ تطهّر من الأنجاس والأقذار ، كقوله تعالى (٣) : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ).
__________________
(١) آية ٣٦.
(٢) سورة البقرة ، آية ١٢٧.
(٣) سورة الحج ، آية ٢٦.