البغىّ
وحلوان الكاهن ، فإن من البغايا
من كان يأخذ عوضا عن البغي ، وكذلك كان جرى في هذه القصة روى مجاهد في قوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى
الْبِغاءِ) : قال : كانوا يأمرون ولائدهم فيباغين فكنّ يفعلن ذلك
فيصبن ، فيأتينهم بكسبهن. وكانت لعبد الله بن أبىّ ابن سلول جارية ، وكانت تباغى ،
فكرهت ذلك ، وحلفت ألّا تفعله ، فانطلقت فباغت ببرد أخضر ، فأتتهم به ، فأنزل الله
الآية.
المسألة السادسة
عشرة ـ قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ مِنْ
بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
هذه المغفرة إنما
هي للمكره لا للذي أكره عليه وألجأ المكره المضطر إليه ، ولذلك كان يقرؤها عبد
الله بن مسعود ، فإن الله من بعد إكراههن لهنّ غفور رحيم. والمغفرة تتعلق بالمكره
المضطر إليه فضلا من الله ، كما قال في الميتة : (فَمَنِ اضْطُرَّ
غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
الآية التاسعة
عشرة ـ قوله تعالى : (اللهُ نُورُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ
فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ
مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ
وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ
يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
هذه آية عظيمة قد
بيناها في كتاب المشكلين ، وفي قانون التأويل ، وأوضحنا المراد منها على أقوال
العلماء ، وهذا الحرف منها ذكره بعض الأحكاميين ، فرأينا ألا نخلى هذا المختصر
منه. واختلف في هذه الشجرة على ستة أقوال :
الأول ـ أنها ليست
من شجر الشرق دون الغرب ، ولا من شجر الغرب دون الشرق ، لأنّ الذي يختصّ بإحدى
الجهتين كان أدنى زيتا ، وأضعف ضوءا. ولكنها ما بين الشرق والغرب ، كالشام ،
لاجتماع الأمرين فيه ، وهو قول مالك.
وفي رواية ابن وهب
عنه ، قال : هو الشام ، الشرق من هاهنا والغرب من هاهنا ، ورأيته لابن شجرة أحد
حذّاق المفسرين.
__________________