ألفين في عامين. وروى أنه يقول : فإذا أدّيت فأنت حر ، وهذا لا يلزم ، لأن لفظ القرآن لا يقتضيه والحال يشهد له ، فإن ذكره فحسن ، وإن تركه فهو معلوم لا يحتاج إليه.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً).
قال جابر بن عبد الله : كانت جارية لعبد الله بن أبىّ يقال لها مسيكة (١) فأكرهها على البغاء ، فقالت له : لئن كان هذا خيرا لقد استكثرت منه ـ وروى لقد استنكرت منه ـ وإن كان شرّا لقد بان لي أن أدعه. فأنزل الله الآية.
وروى الزهري أنه كان لعبد الله بن أبىّ جارية يقال لها معاذة ، وكان رجل من قريش أسر يوم بدر ، فكان عنده وكان القرشىّ يريد الجارية على نفسها ، وكانت الجارية تمتنع منه لإسلامها ، وكان عبد الله بن أبىّ يضربها على امتناعها من القرشي ، رجاء أن تحمل منه ، فيطلب فداء ولده ، فأنزل الله الآية. وكذا روى مالك عن الزهري نحوه.
المسألة الثالثة عشرة ـ وقع في مطلق هذه الآية النهى عن الإكراه على الزنا إن أرادت المكرهة الإحصان ، ولا يجوز الإكراه بحال ، فتعلّق بعض الغافلين بشيء من دليل الخطاب في هذه الآية ، وذكروه في كتب الأصول لغفلتهم عن الحقائق في بعض المعاني ، وهذا مما لا يحتاج إليه ، وإنما ذكر الله إرادة التحصّن من المرأة ، لأن ذلك هو الذي يصوّر الإكراه ، فأما إذا كانت راغبة في الزنا لم يتصوّر إكراه ، فحصّلوه إن شاء الله.
المسألة الرابعة عشرة ـ قد تكلمنا على الإكراه فيما سبق ، وهذه الآية تدلّ على تصوّر الإكراه في الزنا ، خلافا لمن أنكر ذلك من علمائنا ، وهو ابن الماجشون وغيره ، ولا ينهى الله إلا عن متصوّر ، ولا يقع التكليف إلا بما يدخل تحت القدرة ، ولذلك قلنا : إنه لا حدّ عليه ، لأن الإكراه يسقط حكم التكليف :
فإن قيل : إنّ الزاني ينتشر ويشتهى إذا اتصل بالمرأة طبعا.
قلنا : الإلجاء إلى ذلك هو الذي أسقط حكمه.
المسألة الخامسة عشرة ـ نهى النبىّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن مهر
__________________
(١) في ا : مسكة.