فأما أهل الذمّة فلا ينبغي أن تكون المسلمة مبدية لهنّ زينتها.
وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبى عبيدة بن الجراح : أما بعد ، فقد بلغني أنّ نساء المسلمين يدخلن الحمامات معهن نساء أهل الكتاب ، فامنع ذلك ، وحل دونه (١).
ثم إن أبا عبيدة قام في ذلك المقام ممتثلا ، فقال : أيما امرأة دخلت الحمام من غير علّة ولا سقم تريد البياض لزوجها فسوّد الله وجهها يوم تبيضّ الوجوه.
والصحيح عندي أن ذلك جائز لجميع النساء ، وإنما جاء بالضمير للإتباع ، فإنها آية الضمائر ، إذ فيها خمسة وعشرون ضميرا لم يروا في القرآن لها نظيرا ، فجاء هذا للإتباع.
المستثنى العاشر ـ قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ).
حرّم الله على المرأة عبدها ، وكانت الحكمة في ذلك فيما سمعت من شيخنا فخر الإسلام بمدينة السلام ـ تناقض الأحكام ، فإنها تملكه بالعبودية ، فلو ملكها بالزوجية لقال لها : اخرجى وأطيعى زوجك ، وقالت هي له : اسكت وأطع سيدتك.
وقال أحدهما : أقم ، وقال الآخر : ارحل. وقال أحدهما : أنفق بالرق. وقال الآخر : أنفق بالزوجية. فيعود الطالب مطلوبا والآخر مأمورا ، فحسم الله العلة بالمحرمية.
وفيما يروى فيها قولان :
أحدهما ـ أنّ العبد كالأجنبى.
والثاني ـ أنه كذوى المحارم.
وقد روى ابن وهب وابن القاسم ، عن مالك ـ دخل حديث بعضهم في بعض ـ قال مالك : أكره أن يسافر الرجل بامرأة أبيه أو ابنه ، ولله درّه! إنها ليست كأمه وابنته. قالا : قال مالك : وإذا كان بعض الجارية حرّا فلا يجوز لمن يملك بقيّتها أن ينظر إلى شيء منها غير شعرها ، كما ينظر غيره ، ولا بأس أن يدخل على زوجته ومعها المرأة إذا كانت عليها ثيابها. وإذا كان بعض الغلام حرّا فلا يرى شعر من يملك بقيته ، وإن كان خصيّا لا تملكه لم ينظر شعرها وصدرها. ولا بأس أن ينظر خصيان العبيد إلى شعور النساء ، فأما الأحرار فلا ، وذلك في الوغد منهم ، فأما من له المنظرة فلا.
__________________
(١) في القرطبي : فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة.
وعرية المرأة ما ينكشف منها.