المسألة الرابعة ـ
قوله : (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ). يريد أطهر على معاني الزكاة ، فإنه إذا غضّ بصره كان أطهر
له من الذنوب ، وأنمى لأعماله في الطاعة ، ولذلك قال النبىّ صلى الله عليه وسلم
لعلى : يا على ، إن لك كنزا في الجنة ، وإنك ذو قرنيها ، فلا تتبع النظرة
النظرة ، فإن الأولى لك والثانية ليست لك. وهو أيضا أفرغ لباله وأصلح لأحواله.
وقد أنشد أرباب
الزهد :
وأنت إذا أرسلت
طرفك رائدا
|
|
لقلبك يوما
أتعبتك المناظر
|
رأيت الذي لا
كلّه أنت قادر
|
|
عليه ولا عن
بعضه أنت صابر
|
وقالوا : من أرسل
طرفه أدنى حتفه ، ومن غضّ البصر كفّه عن التطلع إلى المباحات من زينة
الدنيا وجمالها ، كما قال الله لنبيه : (وَلا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ
الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) ، يريد ما عند الله تعالى.
وفي الإسرائيليات
أن رجلا كان قائما يصلّى فنظر إلى امرأة بإحدى عينيه ، فتطأطأ إلى الأرض ، فأخذ
عودا ففقأ به عينه التي نظر بها إلى المرأة ، وهي من خير عين تحشر.
وتحكى الصوفية أنّ
امرأة كانت تمشى على طريق ، فاتبعها رجل حتى انتهت إلى باب دارها ، فالتفتت إليه ،
فقالت له : يا هذا ، مالك تتبعني؟ فقال لها : أعجبتنى عيناك. فقالت : البث قليلا.
فدخلت دارها ، ثم فقأت عينيها في سكرّجة ، وأخرجتهما إليه ، وقالت له : خذ ما
أعجبك ، فما كنت لأحبس عندي ما يفتن الناس منى.
الآية السادسة
عشرة ـ قوله تعالى : (وَقُلْ
لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي
أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ
التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ
لَمْ يَظْهَرُوا عَلى
__________________