المسألة الخامسة ـ قال جماعة : الاستئذان فرض ، والسلام مستحبّ. وبيانه أن التسليم كيفية في الإذن ، روى مطرف ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم أنه استأذن على ابن عمر ، فقال : أألج؟ فأذن له ابن عمر. قال زيد : فلما قضيت حاجتي أقبل علىّ ابن عمر ، فقال : مالك واستئذان العرب! إذا استأذنت فقل : السلام عليكم ، فإذا ردّ عليك السلام فقل : أأدخل ، فإن أذن لك فادخل. فعلّمه سنّة السلام.
وقد روى ابن سيرين أنّ رجلا استأذن على النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال : أدخل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل عنده : قم فعلّم هذا كيف يستأذن ، فإنه لم يحسن : فسمعها الرجل فسلّم فاستأذن.
المسألة السادسة ـ روى الزّهرى ، عن عبيد الله بن أبى ثور ، عن ابن عباس ، قال :
سألت عمر بن الخطاب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان تظاهرتا عليه ، اللتان قال الله فيهما (١) : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)؟ فقال : حفصة وعائشة. قال : ثم أخذ يسوق الحديث ، وذكر اعتزال النبىّ في المشربة ـ قال : فأتيت غلاما أسود فقلت : استأذن لعمر. فدخل الغلام ثم خرج إلىّ. فقال : قد ذكرتك له ، فصمت. فرجعت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد ، فرجعت إلى الغلام ، فقلت : استأذن لعمر ، فدخل ، ثم خرج ، فقال : قد ذكرتك له فصمت. قال : فولّيت مدبرا فإذا الغلام يدعوني ، فقال : ادخل ، فقد أذن لك. فدخلت فسلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو متّكئ على رمال حصير ، قد أثّر في جنبه ، فقلت : يا رسول الله ، أطلّقت نساءك؟ فرفع إلىّ رأسه ، وقال : لا. فقلت : الله أكبر ، لو رأيتنا يا رسول الله وكنّا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبت يوما علىّ امرأتى فطفقت تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني فقالت : ما تنكر! فو الله إنّ أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ، وتهجره إحداهن يومها حتى الليل. فقلت : قد خاب من فعل ذلك منهن ، وخسر ، أتأمن إحداهن
__________________
(١) سورة التحريم ، آية ٤