واختلفت الرواية
عن مالك في اقتصار اللعان على دعوى الرؤية على روايتين ، كما اختلف العلماء في ذلك
، وإذا شرطنا الرؤية أيضا فاختلفت الرواية ، هل يصف الرؤية صفة الشهود أم يكفى
ذكرها مطلقا على روايتين عنه.
ووجه القول
باشتراط الرؤية الزجر عن دعواها حتى إذا رهب ذكرها وخاف من تحقيق ما لم يتيقّن
عيانه كفّ عن اللّعان ، فوقعت السترة ، وتخلّص منها بالطلاق إن شاء ، ولذلك شرطنا
على إحدى الروايتين كيفية الرؤية ، كما يذكرها الشهود تغليظا.
وظاهر القرآن يكفى
لإيجاب اللعان بمجرّد القذف من غير رؤية ، فلتعوّلوا عليه ، لا سيما وفي الحديث
الصحيح ، أرأيت لو أنّ رجلا وجد مع امرأته رجلا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
اذهب فأت بها ، فلا عن بينهما ولم يكلفه ذكر رؤيته . أما إنه قال في الحديث الثاني : رأيت بعيني وسمعت بأذنى ،
كما قال سعد بن عبادة : إذا أتيت لكاع وقد تفخّذها رجل ، وكذلك إذا نفى الحمل فإنه
يلتعن ، لأنه أقوى من الرؤية ، إذ قد ظهرت ثمرة الفعل ، ولا بدّ من ذكر عدم الوطء
والاستبراء بعدة.
واختلف علماؤنا في
الاستبراء ، هل يكون بحيضة أو بثلاث؟ والصحيح أنّ الواحدة تكفى ، لأن براءة الرحم
له من الشغل تقع بها ، كما في استبراء الأمة ، وإنما راعينا الثلاث حيض في
العدّة لحكم آخر.
المسألة الثالثة ـ
قوله تعالى : (أَزْواجَهُمْ) عامّ في كل زوجين حرّين كانا أو عبدين ، مؤمنين أو كافرين
، فاسقين أو عدلين ، لعموم الظاهر ، ووجود الحاجة إلى ذلك في كل رجل وامرأة ،
وتحصيل الفائدة فيه بينهما.
وقال أبو حنيفة :
لا يصحّ اللعان إلا من زوجين حرّين مسلمين ، واتّفق الجميع على أنه لا بدّ أن
يكونا مكلّفين ، وذلك لأن اللعان عنده شهادة ، وعندنا وعند الشافعى أنه يمين.
وقد حققنا ذلك في
مسائل الخلاف بما نكتته أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال : لو لا الأيمان لكان لي ولها شأن ، فسماها أيمانا.
__________________