الثاني ـ أنه حق من حقوق المقذوف ، قاله مالك ، والشافعى.
الثالث ـ قال المتأخرون من الطائفتين : في حدّ القذف شائبتان ، شائبة حقّ الله وهي المغلبة. وقال الآخرون : شائبة حقّ العبد هي المغلبة. ولهذا الشّوب اضطرب فيه رأى المالكية.
والصحيح أنه حقّ الآدميين ، والدليل عليه أنه يقف على مطالبته ، وأنه يصحّ له الرجوع عنه ، أصله القصاص في الوجهين ، وعمدتهم أنه يتشطّر بالرق فكان كالزنا.
قلنا : يبطل بالنكاح ، فإنه يتشطر بالرق ، فلا ينكح العبد إلا اثنتين في أحد قولينا ، وعندهم هو حقّ الآدمي ، فيبطل ما قالوه.
المسألة الثالثة عشرة ـ أنه لا يقيمه الإمام إلا بمطالبة المقذوف عند الجمهور.
وقال ابن أبى ليلى : لا يفتقر إلى مطالبة الآدمي. ولعل ابن أبى ليلى يقول ذلك إذا سمعه الإمام بمحضر عدول الشهود ، فيكون ذلك أظهر. ولكن بقي أن يقال : إنه يحتمل أن يكون من حجّة الإمام أن يقول لا أحدّه لأنه لم يدّع عندي إثبات ما نسب إليه ، فإن ادّعى سجنه ، ولم يحدّ بحال.
المسألة الرابعة عشرة ـ قال ابن مسعود ، وعمر بن عبد العزيز ، والأوزاعى : يحدّ العبد ثمانين بعموم الآية.
وقال علماؤنا : إنه حدّ فليتشطر بالرق ، كحدّ الزنا ، وخصّوا الأمة (١) بالقياس.
المسألة الخامسة عشرة ـ قوله : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً).
علّق الله على القذف ثلاثة أحكام : الحدّ ، وردّ الشهادة ، والتفسيق ، تغليظا لشأنه ، وتعظيما لأمره ، وقوة في الردع عنه.
وقال أبو حنيفة : ردّ الشهادة من جملة الحدّ.
وقال علماؤنا : بل ردّها من علّة الفسق ، فإذا زال بالتوبة زال ردّ الشهادة ، بدليل قوله (٢) : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وهي :
__________________
(١) في م : الآية.
(٢) آية ٥.