المسألة الأولى ـ قوله
: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي
الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ).
فجاء الضمير بلفظ
التذكير عائدا على جمع مؤنث.
وأجاب العلماء عن
ذلك بستة أجوبة :
الأول ـ قال
سيبويه : العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد ، وما أراه عوّل عليه إلا في هذه
الآية. وهذا لا يشبه منصبه ، ولا يليق بإدراكه.
الثاني ـ قال
الكسائي : معناه نسقيكم مما في بطون ما ذكرنا ، وهذا تقدير بعيد لا يحتاج إليه.
الثالث ـ قال
الفراء : الأنعام والنعم واحد ، والنعم مذكّر ، ولهذا تقول العرب : هذا نعم وارد ، فرجع إلى لفظ النعم
الذي هو معنى الأنعام ، وهذا تركيب طويل مستغنى عنه.
الرابع ـ قال
الكسائي أيضا : إنما يريد نسقيكم مما في بطون بعضه ، وهو الذي عوّل عليه أبو عبيدة ، فإنه قال : معناه نسقيكم مما
في بطون أيها كان له لبن منها.
الخامس ـ أن
التذكير إنما جيء به ، لأنه راجع على ذكر النعم ، لأنّ اللبن للذكر منسوب ، ولذلك
قضى النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ اللبن للفحل حين أنكرته عائشة رضى الله عنها في
حديث أفلح أخى أبى القعيس ، فقالت : إنما أرضعتنى المرأة ولم يرضعنى الرجل. فقال
لها النبي صلى الله عليه وسلم : إنه
عمّك فليلج عليك. بيان منه صلى
الله عليه وسلم ، لأن اللبن للمرأة سقى ، وللرجل إلقاح ، فجرى الاشتراك بينهما
فيه. وقد بينا في كتب الخلاف وشرح الحديث ، فلينظر هنالك إن شاء الله.
السادس ـ قال
القاضي الإمام أبو بكر : إنما يرجع التذكير إلى معنى الجمع ، والتأنيث إلى معنى
الجماعة ، فذكر في آية النحل باعتبار لفظ الجمع المذكر ، وأنّث في آية المؤمن باعتبار تأنيث لفظ الجماعة ، وينتظم المعنى بهذا التأويل
انتظاما حسنا.
__________________