المسألة الثانية ـ قوله : (وَبِالنَّجْمِ) فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنّ الألف واللام للجنس ، والمراد به جمع النجوم ، [ولا يهتدى بها إلا العارف] (١).
الثاني ـ أنّ المراد به الثريا.
الثالث ـ أن المراد به الجدى والفرقدان.
فأما جميع النجوم فلا يهتدى بها إلا العارف بمطالعها ومغاربها ، والمفرّق بين الجنوبي والشمالي منها ، وذلك قليل في الآخرين.
وأما الثريا فلا يهتدى بها إلا من يهتدى بجميع النجوم ، وإنما الهدى لكل أحد بالجدى والفرقدين ، لأنهما من النجوم المنحصرة المطلع ، الظاهرة السمت ، الثابتة في المكان ، فإنها تدور على القطب الثابت دورانا محصلا ، فهي أبدا هدى الخلق في البر إذا عميت الطرق ، وفي البحر عند مجرى السفن ، وعلى القبلة إذا جهل السّمت ، وذلك على الجملة بأن تجعل القطب على ظهر منكبك الأيسر ، فما استقبلت فهو سمت الجهة ، وتحديدها في الإبصار أنك إذا نظرت الشمس في اليوم الرابع والعشرين من كانون الأول طالعة فاجعل بين وجهك وبينها في التقدير ذراعا ، وتكون مستقبلا للكعبة على التقريب ، سالكا إلى التحقيق. وقد بينا ذلك في كتب الفقه وشرح الحديث.
المسألة الثالثة ـ ومن الناس من قال : إنها يهتدى بها في الأنواء ، فإنّ الله قدّر المنازل ، ونزّل فيها الكواكب ، ورتّب لها مطالع ومغارب ، وربط بها عادة نزول الغيث ، وبهذا عرفت العرب أنواءها ، وتنظرت سقياها ، وإضافة كثرة السقيا إلى بعض ، وقلتها إلى آخر. ويروى في الأثر أنّ عمر قال للعباس : كم بقي لنوء الثريا؟ فقال له : إنّ العرب تقول : إنها تدور في الأفق سبعا ، ثم يدرّ الله الغيث ، فما جاءت السبع حتى غيث الناس.
وفي الموطأ : إذا نشأت بحرية ، ثم تشاءمت فتلك عين غديقة (٢).
__________________
(١) من م.
(٢) غديقة : أى كثيرة الماء (اللسان ـ غدق). وفي ا : أنشأت ، وهو تحريف.