الرابع ـ أنها حرّمت لأنها أفنيت قبل القسم ، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أكلها ، حتى تقسم.
وأما البغال ، وهي :
المسألة الرابعة ـ فإنها تحلق الحمير على كل قول.
فأما إن قلنا إنّ الخيل لا تؤكل فهي متولّدة بين عينين لا يؤكلان ، وإن قلنا : تؤكل الخيل فإنها عين متولدة بين مأكول وبين ما لا يؤكل ، فغلب التحريم على ما يلزم في الأصول.
المسألة الخامسة ـ في تحقيق المقصود :
قد بينا فيما تقدم أنّ المحرمات مقصورة على ما في سورة الأنعام ، وحققنا ما يتعلق به وينضاف إليه في آيات الأحكام منها ، وقد حررنا في كتب الخلاف أن مدار التحليل والتحريم في المطعومات يدور على ثلاث آيات ، وخبر واحد.
الآية الأولى ـ قوله (١) : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ).
الآية الثانية ـ قوله (٢) : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).
الآية الثالثة ـ آية الأنعام ـ قوله (٣) : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً).
الرابع الخبر ـ قوله صلى الله عليه وسلم : أكل كلّ ذي ناب من السباع حرام. وفي لفظ آخر : نهى النبىّ صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وحرّم لحوم الحمر الأهلية. وقوله : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) آخر آية نزلت ، كما سبق بيانه ، فإن عوّلنا عليها فالكلّ سواها مباح ، وإن رأينا إلحاق غيرها بها حسبما يترتب في الأدلة ، كما قال النبىّ صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ، ثم جاءت الزيادة عليها حتى انتهت أسباب إباحة الدم عند المالكية إلى عشرة أسباب ، فالحال في ذلك مترددة ، ولأجله اختار المتوسّطون من علمائنا الكراهية في هذه الحرمات ، توسّطا بين الحلّ والحرمة ، لتعارض الأدلة ، وإشكال مأخذ الفتوى فيها.
__________________
(١) سورة الأعراف ، آية ١٥٦.
(٢) سورة المائدة ، آية ٤.
(٣) سورة الأنعام ، آية ١٤٥.