صلى الله عليه وسلم فرجما. هكذا رواه مالك (١) [والبخاري] ومسلم والترمذي وأبو داود.
قال أبو داود ، عن جابر بن عبد الله : إن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال لهم : ائتوني علم رجلين فيكم ، فجاءوا با بنى صوريا ، فنشدهما الله كيف تجدان أمر هذين في التوراة ، قالا : نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة رجما. قال : فما يمنعكما أن ترجموها؟ قالا : ذهب سلطاننا ، فكرهنا القتل. فدعا النبىّ صلى الله عليه وسلم بالشهود ، فجاءوا فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل (٢) في المكحلة. فأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم برجمهما فرجما.
المسألة الثانية ـ في المختار من ذلك :
وأما من قال : إنها في شأن أبى لبابة وما قال علىّ عن النبىّ لبنى قريظة فضعيف لا أصل له.
وأما من قال : إنها نزلت في شأن قريظة والنّضير ، وما شكوه من التفضيل بينهم بأضعف ؛ لأن الله تعالى أخبر أنه كان تحكيما منهم للنبىّ صلى الله عليه وسلم لا شكوى.
والصحيح ما رواه الجماعة عن عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله كلاهما في وصف القصة كما تقدّم ـ أن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحكّموه ، فكان ما ذكرنا في الأمر.
المسألة الثالثة ـ ثبت كما تقدم أنّ اليهود جاءوا إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم فذكروا له أمر الزانيين.
وجملة الأمر أنّ أهل الكتاب مصالحون ، وعمدة الصلح ألّا يعرض لهم في شيء ، وإن تعرّضوا لنا ورفعوا أمرهم إلينا فلا يخلو أن يكون ما رفعوه ظلما لا يجوز في شريعة ، أو مما تختلف فيه الشريعة ؛ فإن كان مما لا تختلف فيه الشرائع كالغصب والقتل وشبهه لم يمكّن بعضهم من بعض فيه. وإذا كان مما تختلف فيه الشرائع ويحكّموننا فيه ويتراضوا بحكمنا عليهم فيه فإنّ الإمام مخيّر إن شاء أن يحكم بينهم حكم ، وإن شاء أن يعرض عنهم أعرض.
قال ابن القاسم : والأفضل له أن يعرض عنهم.
__________________
(١) الموطأ : ٨١٩.
(٢) في ل : المرود.