وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ. إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ).
فيها إحدى عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها : فيه ثلاثة أقوال (١) :
الأول ـ أنها نزلت في شأن أبى لبابة حين أرسله النبىّ صلى الله عليه وسلم إلى بنى قريظة فخانه (٢).
الثاني ـ نزلت في شأن [بنى] (٣) قريظة والنّضير ، وذلك أنهم شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا [له] (٤) : إنّ النضير يجعلون خراجنا على النصف من خراجهم ، ويقتلون منّا من قتل منهم ، وإن قتل أحد منهم أحدا منا ودوه أربعين (٥) وسقا من تمر.
الثالث ـ أنها نزلت في اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا [له] (٦) : إنّ رجلا منّا وامرأة زنيا ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تجدون في التوراة في شأن الرّجم؟ فقالوا : نفضحهم ويجلدون.
قال عبد الله بن سلام : كذبتم ، إنّ فيها آية الرجم ، فأتوا بالتوراة ، فأتوا بها فوضع أحدهم يده على آية الرّجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك.
فرفع يده ، فإذا آية الرّجم تلوح. فقالوا : صدق يا محمد ، فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله
__________________
(١) أسباب النزول : ١١٠.
(٢) كان ذلك يوم حصارهم ، قالوه : ما الأمر؟ وعلام ننزل من الحكم؟ فأشار إلى حلقه ، يعنى أنه الذبح.
(٣) من القرطبي.
(٤) من ل.
(٥) في ل : سبعين. ودوه : جعلوا ديته.