وقبل : يقطع ويحدّ لعدم تعيين حظّه. والأول أصحّ ؛ لأن ملكه مستقرّ يورث عنه وتؤدى منه ديونه ، فصار كالجارية المشتركة.
المسألة الثامنة والعشرون ـ إذا وجب حدّ السرقة فقتل السارق رجلا ووجب عليه القصاص ، قال مالك : يقتل ويدخل القصع فيه. وقال الشافعى : يقطع لأنهما حقّان للمستحقين ، فوجب أن يوفى كلّ واحد منهما حقّه.
فإن قيل : أحدهما يدخل في الآخر كما قال مالك القتل يأتى على ذلك كلّه.
قلنا : إن الذي نختار أنّ حدّا لا يسقط حدّا.
المسألة التاسعة والعشرون ـ تكلّم الناس في قطع السرقة ، هل هو شرعنا خاصة أم شرع من قبلنا؟ فقبل : كن شرع من قبلنا استرقاق السارق. وقيل : كان ذلك إلى زمن موسى ؛ فعلى الأول بكون القطع في شرعنا ناسخا للرّق. وعلى الثاني يكون توكيدا له ، وسيأتى القول على المسألة في سورة يوسف إن شاء الله تعالى.
والصحيح أنّ الحدّ كان مطلقا في الأمم كلها قبلنا ، ولم يبيّن النبىّ صلى الله عليه وسلم كيفيته ؛ إذ قال (١) : يا أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وايم لله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
الآية الرابعة عشرة ـ قوله تعالى (٢) : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ، لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ،
__________________
(١) ابن ماجة : ٨٥١.
(٢) الآية الواحدة والأربعون ، والثانية والأربعون ، والثالثة والأربعون ، والرابعة والأربعون.