السابع ـ قال ابن المسيب ومالك في إحدى روايتيه بتخيير الإمام بمجرد الخروج ، أما من قال : لأن (١) «أو» على التخيير فهو أصلها وموردها في كتاب الله تعالى.
وأما من قال إنها للتفصيل فهو اختيار الطبري ، وقال : هذا كما لو قال : إن جزاء المؤمنين إذا دخلوا الجنة أن ترفع منازلهم أو يكونوا مع الأنبياء في منازلهم ، وليس المراد حلول المؤمنين [معهم] (٢) في مرتبة واحدة ، وهذا الذي قاله الطبري لا يكفى إلا بدليل ، ومعوّلهم قول النبىّ صلى الله عليه وسلم (٣) : لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل زنى بعد إحصان ، أو كفر بعد إيمان ، أو قتل نفسا بغير نفس. فمن لم يقتل كيف يقتل (٤)؟
قالوا : وأما قولكم إنها على التخيير فإن التخيير يبدأ فيه بالأخفّ ، ثم ينتقل فيه إلى الأثقل ؛ وهاهنا بدأ بالأثقل ، ثم انتقل إلى الأخفّ ؛ فدل على أنه قرر ترتيب الجزاء على الأفعال ، فترتّب عليه بالمعنى ، فمن قتل قتل ، فإن زاد (٥) وأخذ المال صلب ؛ فإن الفعل جاء أفحش ؛ فإن أخذ المال وحده قطع من خلاف ، وإن أخاف نفى.
الجواب ـ الآية نصّ في التخيير ، وصرفها إلى التعقيب والتفصيل تحكّم على الآية وتخصيص لها ، وما تعلقوا منه بالحديث لا يصحّ ؛ لأنهم قالوا : يقتل الرّدء (٦) ولم يقتل : وقد جاء الفتل بأكثر من عشرة أشياء ، منها متّفق عليها ومنها مختلف فيها ، فلا تعلق بهذا الحديث لأحد. وتحرير الجواب القطع لتشغيبهم (٧) أنّ الله تعالى رتّب التخيير على المحاربة والفساد ، وقد بينا أنّ الفساد وحده موجب للقتل ومع المحاربة أشد.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) :
فيه أربعة أقوال :
الأول ـ يسجن ؛ قاله أبو حنيفة ، وأهل الكوفة ، وهو مشهور مذهب مالك في غير بلد الجناية (٨).
__________________
(١) في ل : إنه.
(٢) من ل.
(٣) صحيح مسلم (١٣٠٢). مع اختلاف في الرواية ، وأحكام الجصاص : ٤ ـ ٥٧
(٤) في أحكام الجصاص : قال أبو بكر : والدليل على أن حكم الآية على الترتيب الذي ذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ... وذكر الحديث ، ثم قال : فنفى صلى الله عليه وسلم قتل من خرج عن هذه الوجوه الثلاثة ، ولم يخصص فيه قاطع الطريق ، فانتفى بذلك قتل من لم يقتل من قطاع الطريق ، وإذا انتفى قتل من لم يقطع الطريق وجب قطع يده ورجله إذا أخذ المال وهذا لا خلاف فيه.
(٥) في ل : فإن أراد.
(٦) في ل : المرتد ، وهو تحريف.
(٧) في ل : لتشغيبهم.
(٨) في ل : الحرابة.