وأما قولهم : إنّ القتل يقابل القتل ، وقطع اليد يقابل السرقة ، وقطع الرجل يقابل المال ، فهو تحكم منهم ومزج للقصاص والسرقة بالحرابة ، وهو حكم منفرد بنفسه خارج عن جميع حدود الشريعة لفحشه وقبح أمره.
المسألة السادسة ـ قوله تعالى : (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) :
فيها قولان (١) :
الأول ـ أنها على التخيير ؛ قاله سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم الثاني ـ أنها على التفصيل.
واختلفوا في كيفية التفصيل على سبعة أقوال :
الأول أن المعنى أن يقتلوا إن قتلوا. أو يصلبوا إن قتلوا وأخذوا المال. أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال ، أو ينفوا من الأرض إن أخافوا السبيل (٢) ؛ قاله ابن عباس والحسن وقتادة والشافعى وجماعة.
الثاني ـ المعنى إن حارب فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف ، وقتل وصلب ، فإن قتل ولم يأخذ مالا قتل ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، وإذا لم يقتل ولم يأخذ مالا نفى ، وهذا يقارب الأول ، إلا في الجمع بين قطع الأيدى والأرجل والقتل والصلب.
الثالث ـ أنه إن قتل وأخذ المال وقطع الطريق يخيّر فيه الإمام إن شاء قطع يده ورجله من خلاف وصلبه ، وإن شاء صلبه ولم يقطع يده ورجله ، وإن شاء قتله ولم يقطع رجله ويده ولم يصلبه فإن أخذ بالأول فقتل قطع من خلاف ، وإن لم يأخذ بالأول غرّب (٣) ونفى من الأرض.
الرابع ـ قال الحسن مثله ، إلا في الآخر ؛ فإنه قال : يؤدّب ويسجن حتى يموت.
الخامس ـ قال أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن : إن اقتصروا على القتل قتلوا ، وإن اقتصروا على أخذ المال قطعوا من خلاف ، وإن أخذوا المال وقتلوا فإن أبا حنيفة قال : يخيّر فيهم بأربع جهات : قتل ، صلب ، قطع وقتل ، قطع وصلب ، وهذا نحو ما تقدم ، وهذا سادس.
__________________
(١) في ا : فيها ثمانية أقوال.
(٢) في ل : لإخافة السبيل.
(٣) في ا : عذر.