إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام القرآن [ ج ٢ ]

أحكام القرآن [ ج ٢ ]

80/522
*

الثاني ـ ينفى إلى بلد الشّرك ؛ قاله أنس ، والشافعى ، والزهري ، وقتادة ، وغيرهم.

الثالث ـ يخرجون من مدينة إلى مدينة أبدا ؛ قاله ابن جبير ، وعمر بن عبد العزيز.

الرابع ـ يطلبون (١) بالحدود أبدا فيهربون منها ؛ قاله ابن عباس ، والزهري ، وقتادة ، ومالك. والحقّ أن يسجن ، فيكون السجن له نفيا من الأرض ، وأما نفيه إلى بلد الشّرك فعون له على الفتك. وأما نفيه من بلد إلى بلد فشغل لا يدان به لأحد ، وربما فرّ فقطع الطريق ثانية.

وأما قول من قال : يطلب أبدا وهو يهرب من الحدّ فليس بشيء ؛ فإن هذا ليس بجزاء ، وإنما هو محاولة طلب الجزاء.

المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ) :

قال الشافعى : إذا أخذ في الحرابة نصابا. قلنا : أنصف من نفسك أبا عبد الله وف شيخك حقّه لله. إنّ ربنا تبارك وتعالى قال (٢) : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما). فاقتضى هذا قطعه في حقه. وقال في المحاربة : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ؛ فاقتضى بذلك توفية الجزاء لهم على المحاربة عن حقّه ، فبيّن النبيّ صلى الله عليه وسلم في السارق أنّ قطعه في نصاب وهو ربع دينار ، وبقيت المحاربة على عمومها. فإن أردت أن ترد المحاربة إلى السرقة (٣) كنت ملحقا الأعلى بالأدنى وخافضا الأرفع إلى الأسفل ، وذلك عكس القياس. وكيف يصحّ أن يقاس المحارب ـ وهو يطلب النفس إن وقى المال بها ـ على (٤) السارق وهو يطلب خطف المال ، فإن شعر به فرّ ، حتى إن السارق إذا دخل بالسلاح يطلب المال ، فإن منع منه أو صيح عليه وحارب عليه ، فهو محارب يحكم عليه بحكم المحارب.

[قال القاضي] (٥) : وكنت في أيام حكمى بين الناس إذا جاءني أحد بسارق وقد دخل الدار بسكين يحبسه على قلب صاحب الدار وهو نائم ، وأصحابه يأخذون مال الرجل

__________________

(١) في ا : يطالبون.

(٢) سورة المائدة ، آية ٣٨ ، وستأتى بعد هذه الآية.

(٣) في ا : إليها.

(٤) في ل : عن ، ونراه تحريفا.

(٥) من ل ، والقاضي هو المؤلف.