المسألة الأولى ـ قوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً) :
اختلف في المجنى عليه على قولين :
أحدهما ـ أنه من بنى إسرائيل.
الثاني ـ أنه ولد آدم لصلبه ، وهما قابيل وهابيل ؛ وهو الأصحّ ؛ وقاله ابن عباس والأكثر من الناس ، جرى من أمرهما ما قصّ الله سبحانه في كتابه.
والدليل على أنه الأصحّ ما روى في الحديث الثابت الصحيح عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال (١) : ما من قتيل يقتل [ظلما] (٢) إلا كان على ابن آدم الأوّل كفل (٣) من دمها ، لأنه أول من سنّ القتل.
المسألة الثانية ـ قوله سبحانه : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً) :
فيه قولان :
أحدهما ـ أنّ قابيل لم يدر كيف يفعل بهابيل حتى بعث الله الغرابين ، فتنازعا فاقتتلا ، فقتل أحدهما الآخر.
الثاني ـ أن الغراب إنما بعث ليرى ابن آدم كيفية المواراة لهابيل خاصة.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (سَوْأَةَ أَخِيهِ) :
قيل : هي (٤) العورة. وقيل : لما أنتن صار كلّه عورة ؛ وإنما سميت سوءة لأنها تسوء الناظر إليها عادة.
المسألة الرابعة ـ دفن الميت لوجهين : أحدهما لستره الثاني لئلا يؤذى الأحياء بجيفته.
وقيل : إنهما كانا ملكين في صورة الغرابين.
وقال ابن مسعود : كانا غرابين أخوين ، فبحث الأرض على سوءة أخيه حتى عرف كيف يدفنه.
وروى ابن القاسم ، عن مالك ـ أنّ ابن آدم الذي قتل أخاه حمله على عنقه سنة يدور به ، فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ، ودفن فتعلّم ، وعمل مثل ما رأى ، وقال : أخبر الله
__________________
(١) صحيح مسلم : ١٣٠٤.
(٢) من ل ، والقرطبي. وفي صحيح مسلم : لا تقتل نفس ظلما ...
(٣) في : منها. والكفل : الجزء والنصيب.
(٤) تفسير للسوءة.