سبحانه عنه ، وكان ذلك كلّه في علم الله تعالى وخبره ، ألا ترى إلى قوله عز وجل (١) : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ). وقال تعالى (٢) : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) (٣) (. أَحْياءً وَأَمْواتاً). ويأتى تحقيقه إن شاء الله ؛ فصار ذلك سنّة باقية في الخلق ، وفرضا على جميع الناس على الكفاية ، من فعله منهم سقط عن الباقين فرضه ؛ وأخصّ الخلق به الأقربون ، ثم الذين يلونهم من الجيرة ، ثم سائر الناس المسلمين ؛ وهو حقّ في الكافر أيضا ، وهي :
المسألة الخامسة ـ روى ناجية بن كعب ، عن علىّ (٤) ، قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : إنّ عمّك الشيخ الضالّ مات ، فمن يواريه؟ قال : اذهب فوار أباك ، ولا تحدثنّ حدثا حتى تأتينى. فواريته ، ثم جئت ، فأمرنى أن أغتسل ودعا لي.
المسألة السادسة ـ قوله تعالى : (أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ) :
فيه دليل على قياس الشّبه ؛ وقد حققناه في الأصول.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) :
وهي تابعة للأحكام هاهنا لأنها من الأصول ؛ لكنا نشير إليها لتعلّق القلوب بها ، فنقول : من الغريب أن الله سبحانه قد أخبر عنه أنه ندم وهو في النار ، وقال صلى الله عليه وسلم : الندم توبة.
قلنا : عن هذه ثلاثة أجوبة :
الأول ـ أنّ الحديث ليس يصحّ ، لكن المعنى صحيح ، وكل من ندم فقد سلم ، لكن الندم له شروط ، فكلّ من جاء بشروطه قبل منه ، ومن أخلّ بها أو بشيء منها لم يقبل.
الثاني ـ أنّ معناه ندم ولم يستمر ندمه ، وإنما يقبل الندم إذا استمر.
الثالث ـ أن الندم على الماضي إنما ينفع بشرط العزم على ألّا يفعل في المستقبل.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) :
__________________
(١) سورة عبس ، آية ٢١.
(٢) سورة المرسلات ، آية ٢٥ ، ٢٦.
(٣) كفاتا : تجمع الناس أحياءهم وأمواتهم. وقيل : معناه : تضم الأحياء من الإنسان والحيوان والنبات ، والأموات التي هي الجمادات من الأرض والماء (المفردات).
(٤) رواه أبو داود عن على (القرطبي ٦ ـ ١٤٣).