فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن. فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم. فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا.
لفظ البخاري : وهو النقيب أو ما فوقه (١) ، وينطلق بالمعنيين ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيب الأنصار. وينطلق في اللغة على الأمين والكفيل.
واشتقاقه ؛ يقال : نقب الرجل على القوم ينقب إذا صار نقيبا ، وما كان الرجل نقيبا ، ولقد نقب (٢) ، وكذلك عرف عليهم إذا صار عريفا ، ولقد عرف (٣) ، وإنما قيل له نقيب ؛ لأنه يعرف دخيلة أمر القوم ومناقبهم ، والمناقب تطلق على الخلقة الجميلة وعلى الأخلاق الحسنة.
المسألة الرابعة ـ وعلى هذا انبنى قبول المرأة لزوجها في الذي يبلغه إياها من مسائل الشريعة وأحكام الدين ودخول الدار بإذن الآذن ، وأحكام كثيرة لا نطوّل بها ؛ ففي هذا تنبيه عليها وعلى أنواعها (٤) ، فألحق كلّ شيء بجنسه منها ، ومن هاهنا اتخذ النبىّ صلى الله عليه وسلم النّقباء ليلة العقبة.
قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : كانت الأنصار سبعين رجلا ، يعنى مالك يوم العقبة ، وكان منهم اثنا عشر نقيبا ، فكان أسيد بن الحضير أحد النقباء نقيبا.
قال مالك : النقباء تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس ، منهم أسيد بن الحضير وعمرو بن الجموح.
وقال أشهب ، عن مالك : كان أسعد بن زرارة أحد النقباء.
وقال ابن القاسم عنه : عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريين ثم المسلمين من النّقباء.
__________________
(١) في ل : أو هو فوقه.
(٢) في مختار الصحاح : وقد نقب على قومه ينقب نقابة ، مثل كتب يكتب كتابة. قال الفراء : إذا أردت أنه لم يكن نقيبا ففعل قلت : نقب نقابة فهو من باب ظرف. وهذه العبارة أوضح.
(٣) المختار أيضا : عرف.
(٤) في ل : وأبوابها.