الثالث ـ تقديرها إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون فاغسلوا وجوهكم ، وإن كنتم جنبا فاطّهروا ، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط. وتكون أو بمعنى الواو.
الآية السابعة ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا ، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
تقدم أكثر معناها في سورة النساء عند ذكرنا لنظيرتها (٢) ، ونحن نعيد ذكر ما تجدّد هاهنا منها ، ونعيد ما تحسن إعادته فيها في ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها :
نزلت في اليهود ، ذهب إليهم النبىّ صلى الله عليه وسلم ليستعين بهم في دية العامريّين اللذين قتلهما عمرو بن أمية فوعدوه ثم همّوا بغدره ، فأعلمه الله سبحانه بذلك ، فخرج عنهم ، وأمره الله سبحانه ألّا يحمله ما كانوا عليه من الحالة المبغضة لهم على أن يخرج عن الحق فيها قضاء (٣) أو شهادة.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) أو (قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) سواء في المعنى ؛ لأنّ من كان قيامه لله فشهادته وعمله يكون بالعدل ، ومن كان قيامه بالعدل فشهادته وعمله لله سبحانه ؛ لارتباط أحدهما بالآخر ارتباط الأصل بالفرع ، والأصل هو القيام لله والعدل مرتبط به.
المسألة الثالثة ـ قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) :
يريد لا يحملنّكم بغض قوم على العدول عن الحقّ ؛ وفي هذا دليل على نفوذ حكم العدوّ على عدوّه في الله تعالى ، و [نفوذ] (٤) شهادته عليه ؛ لأنه أمر بالعدل ، وإن أبغضه ، ولو كان حكمه عليه وشهادته لا تجوز فيه مع البغض له لما كان لأمره بالعدل فيه وجه.
فإن قيل : البغض ورد مطلقا فلم خصصتموه بما يكون في الله تعالى؟
قلنا : لأنّ البغض في غيره لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء ، ولا يجوز أن
__________________
(١) الآية الثامنة من السورة.
(٢) صفحة ٥٠٥.
(٣) في ل : فيما قضى.
(٤) من القرطبي.