المسألة الموفية خمسين ـ قوله تعالى : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) :
في التيمم ، فأدخل الباء فيه ، كما أدخلها في قوله تعالى (١) : (بِرُؤُسِكُمْ) ؛ وهو مستغنى عنها ، ليبيّن وجوب الممسوح به ؛ وأكده بعد ذلك بقوله : (منه) ، وقد كان مستغنى عنه ، ولكنه تأكيد للبيان.
وزعم الشافعية أنّ قوله (منه) إنما جاء ليبيّن وجوب نقل التراب إلى الوجه واليدين في التيمم ، وذلك يقتضى أن يكون التيمم على التراب لا على الحجارة.
وقال علماؤنا : إنما أفادت (منه) وجوب ضرب الأرض باليدين ، فلولا ذلك وتركنا ظاهر القرآن لجازت الإشارة إلى الصعيد وضرب الوجه واليدين بعد الإشارة باليدين إلى الأرض ، ولكنه أكد بقوله (منه) ليكون الابتداء بوضع اليدين على الأرض تعبّدا ، ثم ضرب الوجه واليدين بعد ذلك بهما ، وقد بينا ذلك (٢) في سورة النساء ، وقررنا أنّ الصعيد وجه الأرض كيفما كان.
المسألة الحادية والخمسون ـ فإن قيل : فبيّنوا لنا بقية الآية.
قلنا : أما قوله : وإن كنتم جنبا فاطّهروا ، وحكم المرض والسفر والمجيء من الغائط ولمس النساء وعدم الماء والتيمم بالصعيد الطيب ، فقد تقدم ذكره في سورة النساء (٣) ، فلا وجه لإعادته ، والقول فيها واحد ، وإن كانت اثنتين فلينظر فيهما فينتظم المعنى بهما.
المسألة الثانية والخمسون ـ في تقدير الآية ونظامها :
روى عن زيد بن أسلم أنه قال في الآية تقديم وتأخير ، تقديره إذا قمتم إلى الصلاة من نوم ، أو جاء أحد منكم من الغائط ، أو لامستم النساء ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ، وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ، وإن كنتم جنبا فاطّهروا ، وإن كنتم مرضى أو على سفر فلم تجدوا ماء فتيمّموا.
الثاني (٤) ـ تقديرها إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون ، واستمرّ عليها تلاوة وتقديرا إلى آخرها.
__________________
(١) أى في قوله تعالى في الآية نفسها : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ.)
(٢) آية ٤٣ من سورة النساء ، وقد تقدمت صفحة ٤٣٢.
(٣) عد ما سبق «أولا» من غير أن ينص على ذلك.