سبحانه قال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ، ولو قال : أراد معقد الشراك لقال إلى الكعاب ، كما قال (١) : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) لما كان لكلّ واحدة قلب واحد ، فدلّ على أنّ في كل رجل كعبين اثنين.
المسألة الرابعة والأربعون ـ القول في دخول الرّجلين في الكعبين كالقول في دخول المرافق في الوضوء سواء ؛ لأنّ الكعب في الساق ، كما أن المرفق في العضد ، وكلّ واحد منهما هو في غير المذكور منهما ؛ لأنك إذا غسلت الساعد إلى المرفق فالمرفق آخر العضد ، وإذا غسلت القدم إلى الكعبين فالكعبان آخر الساقين ، فركّبه عليه وافهمه منه.
المسألة الخامسة والأربعون ـ في تخليل الأصابع في الوضوء :
وذلك في اليدين والرجلين ؛ قال ابن وهب : وهو واجب في الدين مستحبّ في الرجلين ، وبه قال أكثر العلماء.
وقيل : إن ذلك واجب في الجميع ، لما روى حذيفة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلّلوا بين الأصابع لا تتخلّلها النار.
وقال المستورد بن شداد : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه.
والحقّ أنه واجب في اليدين على القول بالدّلك ، غير واجب في الرجلين ، لأنّ تخليلها بالماء يقرح باطنها ، وقد شاهدنا ذلك ، وما علينا في الدين من حرج في أقل من ذلك ، فكيف في تخليل تتقرّح به الأقدام!
المسألة السادسة والأربعون ـ نزع علماؤنا بهذه الآية إلى أن إزالة النجاسة غير واجبة ، لأنه قال : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ؛ تقديره كما سبق : وأنتم محدثون ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ، فلم يذكر الاستنجاء ، وذكر الوضوء ، ولو كان واجبا لكان أوّل مبدوء به ، وهي رواية أشهب عن مالك.
وقال ابن وهب : لا تجزئ الصلاة بها (٢) لا ذاكرا ولا ناسيا ؛ وبه قال الشافعى.
وقال ابن القاسم عنه : تجب مع الذّكر وتسقط مع النسيان.
__________________
(١) سورة التحريم ، آي ٤.
(٢) أى بالنجاسة.