من رواية سعيد بن جبير وغيره : حتى رئي الدخان في زمان أبى جعفر المنصور.
وقيل : هذا مجاز ، المعنى أنّ مآله إلى نار جهنم ، فكأنه انهار إليه ، وهوى فيه وهذا كقوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) ، إشارة إلى أن النار تحت ، كما أن الجنة فوق.
وقال جابر بن عبد الله : أنا رأيت الدخان يخرج منه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو صحّ هذا لكان جابر رافعا للإشكال.
وهذا يدلّ على أن كلّ شيء ابتدئ بنية تقوى الله ، والقصد لوجهه الكريم ، فهو الذي يبقى ، ويسعد به صاحبه ، ويصعد إلى الله ويرفع إليه ، ويخبر عنه بقوله (١) : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ، على أحد الوجهين ، ويخبر عنه أيضا بقوله (٢) : (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ).
الآية الحادية والأربعون ـ قوله تعالى (٣) : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
فيها اثنتا عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ روى أنّ عبد الله بن رواحة قال للنبىّ صلى الله عليه وسلم : اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم (٤) : أشترط لربي أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. قال : فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال : الجنّة. قال : ربح البيع. قال : لا نقيل ولا نستقيل ، فنزلت : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ ...) الآية.
وهذا مما لا يوجد صحيحا.
__________________
(١) سورة الرحمن ، آية ٢٧.
(٢) سورة الكهف ، آية ٤٦.
(٣) آية ١١١ ، ١١٢.
(٤) والقرطبي : ٨ ـ ٢٦٧