ومثل ثواب من اتبعه مقتديا به (١) ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : من سنّ سنّة حسنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.
ولذلك قلنا : إن الصلاة في أول الوقت أفضل من تأخيرها عنه ، ولا خلاف في المذهب فيه ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها ؛ وقد بيناه في غير موضع.
المسألة السادسة ـ قد بيّنا أنّ السبق يكون بالصفات والزمان ، والمكان ، وأفضل هذه الوجوه سبق الصفات. والدليل عليه قول النبىّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : نحن الآخرون السابقون بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه ، من بعدهم. فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فاليهود غدا والنصارى بعد غد ، فأخبر النبىّ صلى الله عليه وسلم أنّ من سبقنا من الأمم بالزمان فجئنا بعدهم ـ سبقناهم بالإيمان ، والامتثال لأمر الله ، والانقياد إليه ، والاستسلام لأمره ، والرّضا بتكليفه ، والاحتمال لوظائفه ، لا نعترض عليه ، ولا نختار معه ، ولا نبدّل بالرأى شريعته ، كما فعل أهل الكتاب. وذلك بتوفيق الله لما قضاه ، وبتيسيره لما يرضاه ، وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله.
المسألة السابعة ـ لما ذمّ الله الأعراب بنقصهم وحطّهم عن المرتبة الكاملة لسواهم ترتبت على ذلك أحكام ثلاثة :
أولها ـ أنه لا حقّ لهم في الفيء والغنيمة ، حسبما يأتى في سورة الحشر إن شاء الله.
ثانيها ـ أن إمامتهم بأهل الحضر ممنوعة لجهلهم بالسنة وتركهم للجمعة.
ثالثها ـ إسقاط شهادة البادية عن الحاضرة.
واختلف في تعليل ذلك ؛ فقيل : لأنّ الشهادة مرتبة عالية ، ومنزلة شريفة ، وولاية كريمة ، فإنها قبول قول الغير على الغير ، وتنفيذ كلامه عليه ؛ وذلك يستدعى كمال الصفة ، وقد بينا نقصان صفته في علمه ودينه.
وقيل : إنما ردّت شهادته عليه ، لما فيه من تحقيق التهمة إذا شهد أهل البادية بحقوق أهل الحاضرة ، وتلك ريبة ؛ إذ لو كان صحيحا لكان أولى الناس بذلك الحضريون ، فعدم
__________________
(١) هكذا بالأصول ، والكلام بحاجة إلى تكملة.