والمرء يكون في موطنين :
أحدهما ـ موطن الخاتمة عند قبض الروح ، وهي :
المسألة السادسة ـ فإنه وقت كشف الغطاء ، وسلامة البصر عن العمى ، فيقال له(١): (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
فانظر إلى ما كنت غافلا عنه ، أو به متهاونا.
والحالة الثانية عند الوزن ، وتطاير الصحف والأنباء ، حينئذ يكون بإظهار الجزاء ، وشرح صفة الأنباء ومواطنه في كتاب الذكر.
الآية الرابعة والثلاثون ـ قوله تعالى (٢) : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في قوله : (الْأَعْرابُ) :
اعلموا ـ وفّقكم الله لسبيل العلم تسلكونها ، وصرفكم عن الجهالات ترتكبونها ، أن بناء (ع ر ب) ينطلق في لسان العرب على معان لا تنتظم في مساق واحد ، وعلى رأى من يريد أن يجعل الأبنية تنظر إلى المعاني من مشكاة (٣) واحدة ؛ فإنّ ذلك قد يجده الطالب له ، وقد يعسر عليه ، وقد يعدمه وينقطع له. وهذا البناء مما لم يتفق لي ربط معانيه به.
وقد جاء ذكر الأعراب في القرآن هاهنا ، وجاء في السنة ذكر العرب في أحاديث كثيرة ؛ ولغة العرب منسوبة إلى العرب ، والعرب اسم مؤنث ، فإذا صغّروه أسقطوا الهاء فقالوا عريب. ويقال عرب وعرب ـ بفتح الفاء والعين ، وبضم الفاء وبإسكان العين. والعاربة والعرباء ؛ وهم أوائلهم ، أو قبائل منهم ، يقال إنهم سبع ، سمّاهم ابن دريد وغيره. ويقال الأعراب والأعاريب.
وقال ابن قتيبة : الأعرابى لزيم البادية ، والعربىّ منسوب إلى العرب وكأنه يشير إلى
__________________
(١) سورة ق ، آية ٢٢.
(٢) آية ٩٧.
(٣) المشكاة : كل كوة غير نافذة (القاموس).