قالَ : أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ).
فإن كان الهزل في سائر الأحكام كالبيع والنكاح والطلاق فقد اختلف الناس في ذلك على أقاويل ، جماعها ثلاثة :
الفرق بين البيع وغيره. الثاني : لا يلزم الهزل. الثالث : أنه يلزم. فقال في كتاب محمد: يلزم نكاح الهازل. وقال أبو زيد ، عن ابن القاسم في العتبية : لا يلزم. وقال علىّ ابن زياد : يفسخ قبل وبعد.
وللشافعي في بيع الهازل قولان. وكذلك يتخرج من قول علمائنا فيه القولان. قال متأخر وأصحابنا : إن اتفقا على الهزل في النكاح والبيع لم يلزم ، وإن اختلفا غلب الجدّ الهزل.
قال الإمام ابن العربي : فأمّا الطلاق فيلزم هزله ، وكذلك العتق ؛ لأنه من جنس واحد يتعلّق بالتحريم والقربة ، فيغلب اللزوم فيه على الإسقاط.
الآية الثامنة والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ [المجاهدة] (٢) فيها ثلاثة أقوال :
الأول ـ قال ابن مسعود : جاهدهم بيدك ، فإن لم تستطع فبلسانك ، فإن لم تستطع فقطّب (٣) في وجوههم.
الثاني ـ قال ابن عباس : جاهد الكفار بالسيف ، والمنافقين باللسان.
الثالث ـ قال الحسن : جاهد الكفّار بالسيف ، والمنافقين بإقامة الحدود عليهم. واختاره قتادة ، وكانوا أكثر من يصيب الحدود.
المسألة الثانية ـ قال علماء الإسلام ما تقدم ، فأشكل ذلك واستبهم ، ولا أدرى صحة هذه الأقوال في السند. أما المعنى فإنّ من المعلوم في الشريعة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجاهد الكفار بالسيف على اختلاف أنواعهم ، حسب ما تقدم بيانه. وأما المنافقون فكان
__________________
(١) الآية الثالثة والسبعون.
(٢) زيادة يقتضيها المقام.
(٣) في القرطبي : فاكفهر في وجوههم. واكفهر الرجل : عبس.