الثاني ـ يجوز نقلها ، وقاله مالك أيضا.
الثالث ـ يقسم في الموضع سهم الفقراء والمساكين ، وينقل سائر السهام ، باجتهاد الإمام.
والصحيح ما قاله ابن القاسم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ، ولأن الحاجة إذا نزلت وجب تقديمها على من ليس بمحتاج ، فالمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه.
الآية السابعة والعشرون ـ قوله (١) : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ روى أنها نزلت في غزوة تبوك. قال الطبري : بينما النبىّ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا : يظن (٢) هذا أنه يفتح قصور الشام وحصونها! فأطلعه الله على ما في قلوبهم وقولهم ، فدعاهم ، فقال : قلتم كذا وكذا؟ فحلفوا : ما كنّا إلا نخوض ونلعب ، فكان ممن إن شاء الله عفا عنه يقول : أسمع آية تقشعرّ منها الجلود ، وتجثّ (٣) القلوب ، اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك ، لا يقل أحد أنا غسلت ، أنا كفّنت ، أنا دفنت. قال : فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره.
وروى الدّارقطنيّ ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : رأيت عبد الله بن أبىّ يشتدّ قدام النبىّ صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه (٤) ، وهو يقول : يا محمد ، إنما كنا نخوض ونلعب ، والنبىّ صلى الله عليه وسلم يقول : أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون؟ لا تعتذروا.
وروى أنّ ذلك كله نزل فيما كان من المنافقين في هذه الغزوة.
المسألة الثانية ـ لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدّا أو هزلا ، وهو كيفما كان كفر ؛ فإن الهزل بالكفر كفر ، لا خلاف فيه بين الأمة ، فإنّ التحقيق أخو الحق والعلم ، والهزل أخو الباطل والجهل. قال علماؤنا : نظروا (٥) إلى قوله (٦) : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ،
__________________
(١) آية ٦٥.
(٢) في القرطبي : انظروا ، هذا يفتح.
(٣) جث : فزع.
(٤) نكبت الحجارة رجله : لثمتها أو أصابتها.
(٥) في القرطبي (٨ ـ ١٩٧) : انظر.
(٦) سورة البقرة آية ٦٧