البلد حتى أخرج
الأسيرة ، واستولى على الموضع ، فكيف بنا وعندنا عهد الله ألّا نسلّم إخواننا إلى
الأعداء ، وننعم وهم في الشقاء ، أو نملك بالحرية وهم أرقّاء. يا لله ، ولهذا
الخطب الجسيم! نسأل الله التوفيق للجمهور ، والمنة بصلاح الآمر والمأمور.
فإن قيل : فكيف
يصنع الواحد إذا قصر الجميع؟ وهي :
المسألة الخامسة ـ
قلنا : يقال له : وأين يقعان مما أريد؟ مكانك أيها الواحد لا يفتي ومالك لا يكفى ،
والأمر لله فيما يريد من توفيق ، أو قطع للطريق ، وقد همهم الخاطر بهذه المسألة ،
وزمزم اللسان بها مدّة. والذي يحدث أخبارها ، ويطفئ ـ والله أعلم ـ أوارها أن يعمد
من رأى تقصير الخلق إلى أسير واحد فيفديه ؛ فإن الأغنياء لو اقتسموا فداء الأسرى
ما لزم كلّ واحد منهم إلا أقل من درهم للرجل الواحد ، فإذا فدى الواحد فقد أدّى في
الواحد أكثر مما كان يلزمه في الجماعة ، ويغزو بنفسه إن قدر ،
وإلّا جهّز غازيا.
فقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
من جهّز غازيا فقد
غزا ، ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا.
الآية الخامسة ،
والعشرون ـ قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ
يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا
مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: (وَمِنْهُمْ مَنْ
يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) ، أى يعيبك.
وفيه قولان :
أحدهما ـ أنه
العيب مطلقا ، ومنهم من قال : إنه العيب بالغيب ، يقال : لمزه يلمزه بكسر العين في
المستقبل وضمّها ، قال تعالى : (وَلا تَلْمِزُوا
أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) ، ومنه قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ
هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ).
المسألة الثانية ـ
قال أبو سعيد الخدرىّ : بعث
إلىّ النبىّ صلى الله عليه وسلم بشيء فقسمه بين أربعة ، وقال : تألّفهم. فقال رجل
: ما عدلت. فقال : يخرج من ضئضىء هذا
__________________