قوم يمرقون من الدّين. هكذا رواه البخاري ، وزاد غيره : فأنزل الله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ).
إذا ثبت هذا فهؤلاء الأربعة كانوا (١) عيينة والأقرع ، وكانوا من المؤلّفة قلوبهم ، فدلّ ذلك ـ وهي :
المسألة الثالثة ـ على دفع الزكاة إليهم ، ويأتى تمام المسألة بعد إن شاء الله تعالى.
الآية السادسة والعشرون ـ قوله تعالى (٢) : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
فيها ثمان وعشرون مسألة :
المسألة الأولى ـ هذه الآية من أمّهات الآيات ، إن الله بحكمته البالغة ، وأحكامه الماضية العالية ، خصّ بعض الناس بالأموال دون البعض ، نعمة منه عليهم ، وجعل شكر ذلك منهم إخراج سهم يؤدّونه إلى من لا مال له ، نيابة عنه سبحانه وتعالى فيما ضمنه بفضله لهم في قوله (٣) : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) ؛ وقدّر الصدقات على حسب أجناس الأموال ، فجعل في النقدين ربع العشر ، وجعل في النبات العشر ، ومع تكاثر المؤنة نصف العشر ، ويترتّب على هذا القول في حقيقة الصدقة ـ وهي :
المسألة الثانية ـ على قولين :
أحدهما ـ أنه جزء من المال مقدّر معيّن ؛ وبه قال مالك والشافعى وأحمد.
وقال أبو حنيفة : إنها جزء من المال مقدّر ، فجوّز إخراج القيمة في الزكاة ؛ إذ زعم أن التكليف والابتلاء إنما هو في نقص الأموال ، وذهل عن التّوفية لحق التكليف في تعيين الناقص ، وأن ذلك يوازى التكليف في قدر الناقص ؛ فإن المالك يريد أن يبقى ملكه بحاله ، ويخرج من غيره عنه ، فإذا مالت نفسه إلى ذلك ، وعلقت به ، كان التكليف قطع تلك العلاقة التي هي بين القلب وبين ذلك الجزء من المال ، فوجب إخراج ذلك الجزء بعينه.
__________________
(١) هكذا بالأصول.
(٢) آية ٦٠.
(٣) سورة هود ، آية ٦