المسألة الثانية ـ في نوع العذاب :
قال ابن عباس : هو حبس المطر عنهم. فإن صحّ ذلك فهو أعلم من أين قاله ، وإلا فالعذاب الأليم هو الذي في الدنيا باستيلاء العدوّ على من لم يستول عليه (١) ، وبالنار في الآخرة ، وزيادة على ذلك استبدال غيركم ، كما قال الله سبحانه (٢) : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ...) الآية.
الآية الثالثة والعشرون ـ قوله تعالى (٣) : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ، إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ؛ إِنَّ اللهَ مَعَنا ، فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ، وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ النصر : هو المعونة ، وقد تقدّم بيانه.
المسألة الثانية ـ قوله : (ثانِيَ اثْنَيْنِ) :
وللعرب في ذلك لغتان : تقول ثانى اثنين ، وثالث ثلاثة ، ورابع أربعة ، بمعنى أحدهما ، مشتقة من المضاف (٤) إليه. وتقول أيضا : خامس أربعة ، أى الذي صيّرهم خمسة.
المسألة الثالثة ـ قوله : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) : يعنى تعينوه بالنفير معه في غزوة تبوك ، فقد نصره الله بصاحبه أبي بكر ، وأيّده بجنود الملائكة.
روى أصبغ ، وأبو زيد ، عن ابن القاسم ، عن مالك : ثانى اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تخزن إنّ الله معنا ، هو أبو بكر الصديق. قال : فرأيت مالكا يرفع بأبى بكر جدا لهذه (٥) الآية.
قال : وكانوا في الهجرة أربعة ، منهم عامر بن فهيرة ، ورقيط (٦) الدليل.
قال غير مالك : يقال أريقط ، قال القاضي رضى الله عنه : فحق (٧) أن يرفع مالك
__________________
(١) في ا : على من يستولى عليه.
(٢) سورة محمد ، آية ٣٨.
(٣) آية ٤٠.
(٤) هكذا في ا ، م. وفي القرطبي : ثانى اثنين ، أى أحد اثنين.
(٥) في م : بهذه الآية.
(٦) في م : وأرقط ، وفي القاموس : وعبد الله بن الأريقط دليل النبي في الهجرة ، وعامر بن فهيرة : مولى أبى بكر رضى الله عنه ، وفي القرطبي : عبد الله بن أرقط ، ويقال ابن أريقط.
(٧) في م : بحق.