وقال في جهة الكفار (١) : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ...) الآية (٢). فأطلق الزيادة في الوجهين.
وقد قال علماؤنا : إنّ مالكا رضى الله عنه بعلمه وورعه امتنع من إطلاق النقص في الإيمان لوجوه بينّاها في كتب الأصول ، منها : أنّ الإيمان يتناول إيمان الله وإيمان العبد ؛ فإذا أطلق إضافة النقص إلى مطلق الإيمان دخل في ذلك إيمان الله ، ولا يجوز إضافة ذلك إليه سبحانه ؛ لاستحالته فيه عقلا ، وامتناعه شرعا. وعلى هذا يجوز إضافة ذلك إلى إيمان العبد على التخصيص ، بأن يقول : إيمان الخلق يزيد وينقص.
ومنها : أن الإيمان من المعاني التي يجب مدحها ، ويحرم ذمّها شرعا ، والنقص صفة ذم ؛ فلا يجوز أن يطلق على ما يستحقّ المدح فيه ، ويحرم الذم ، فإذا تحرر (٣) لكم هذا ويسّر الله قبول أفئدتكم له ـ فإنه مقلّب الأفئدة والأبصار ـ فإن قوله تعالى ، وهي :
المسألة السابعة ـ (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) بيان لما فعلته العرب من جمعها بين أنواع الكفر ، فإنها أنكرت وجود الباري ، فقالت (٤) : (وَمَا الرَّحْمنُ)؟ في أصح الوجوه. وأنكرت البعث ، فقالت (٥) : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ). وأنكرت بعثة الرسل ، فقالت (٦) : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ ...) الآية.
وزعمت أن التحريم والتحليل إليها ، فابتدعت من ذاتها مقتفية لشهواتها التحريم والتحليل ، ثم زادت على ذلك كله بأن غيّرت دين الله ، وأحلّت ما حرّم ، وحرّمت ما أحلّ تبديلا وتحريفا ، والله لا مبدّل لكلماته ، ولو كره المشركون ، وهكذا في جميع ما فعلت من تغيير الدين وتبديل الشرع.
المسألة الثامنة ـ قوله : (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) :
أى خلق لهم اعتقاد الحسن فيها ، وهي قبيحة ، فنظروا فيها بالعين العوراء ؛ لطمس أعينهم (٧) وفساد بصائرهم ؛ وذلك حكم الله في عدم الهدى للكافرين.
__________________
(١) في ل : الكفر.
(٢) سورة التوبة ، آية ١٢٥.
(٣) في ل : تجوز.
(٤) سورة الفرقان ، آية ٦٠
(٥) سورة يس ، آية ٧٨.
(٦) سورة القمر ، آية ٢٤.
(٧) في ل : قلوبهم.