المسألة التاسعة ـ اختلف الناس في أول هذه الأشهر [الحرم] (١) ؛ فقال بعضهم : أولها المحرم وآخرها ذو الحجة ؛ لأنه على تقرير (٢) شهور العام ، الأول فالأول.
الثاني ـ أن أولها رجب وآخرها المحرم معدودة من عامين ؛ لأن رجب له فضل الإفراد.
الثالث ـ أن أولها ذو القعدة ؛ لأن فيه التوالي دون التقطيع ، وهو الصحيح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في تعدادها (٣) : ثلاث متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ؛ ورجب مضر (٤) الذي بين جمادى وشعبان. وهذا نص صريح من رواية الصحيح.
الآية التاسعة عشرة ـ قوله تعالى (٥) : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قال الله تعالى (٦) : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ...) إلى قوله : (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ). وقال هاهنا : (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) : يعنى محيطين بهم من كل جهة وحالة ، فمنعهم ذلك من الاسترسال.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (كَافَّةً) مصدر (٧) حال ، ووزنه فاعلة ، وهو غريب في المصادر ، كالعافية والعاقبة ، اشتقّ من كفة الشيء وهو حرفه الذي لا يبقى بعده زيادة عليه ، ومثله عامة وخاصة ، ولا يثنّى شيء من ذلك ولا يجمع.
المسألة الثالثة ـ قال الطبري : معناه مؤتلفين غير مختلفين ، فردّ ذلك إلى الاعتقاد ، ولا يمتنع أن يرجع إلى الفعل والاعتقاد.
المسألة الرابعة ـ قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) ؛ يعنى بالنصر وعدا مربوطا بالتقوى ، فإنما تنصرون بأعمالكم ، وقد تقدم بيانه.
__________________
(١) من ل.
(٢) في ل : تعديد.
(٣) في ا : تفرادها.
(٤) في القرطبي : وقيل له رجب مضر ، لأن ربيعة بن تزار كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجبا ، وكانت مضر تحرم رجبا نفسه.
(٥) من الآية السادسة والثلاثين.
(٦) سورة التوبة ، آية ٢٩.
(٧) في القرطبي : وهو مصدر في موضع الحال.