الآية الموفية عشرين ـ قوله تعالى (١) : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ ، زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
فيها ثماني مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (النَّسِيءُ) :
اختلف الناس فيه على قولين :
أحدهما ـ أنه الزيادة ، يقال : نسأ ينسأ ، إذا زاد ؛ قاله الطبري.
الثاني ـ أنه التأخير. قال الأزهرى : يقال أنسأت الشيء إنساء ، ونساء اسم وضع موضع المصدر ، وله معان كثيرة.
أما الطبري فاحتج بأنه يتعدى بحرف الجر ، فيقال : أنسأ الله في أجلك ، كما تقول : زاد الله في أجلك ، وتقول : أنسأ الله في أجلك ، أى زاده مدة ، واكتفى بأحد المفعولين عن الثاني ، ومنع من قراءته بغير الهمز ، وردّ على نافع ، وقال : لا يكون بترك الهمز إلا من النسيان ، كما قال (٢) : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ).
واحتج من زعم أنه التأخير بنقل العرب لهذا التفسير عن أوائلها ، وقيّد ذلك عنهم مشيخة العرب ، وقد قال الله (٣) : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) ، أى نؤخرها ، مهموزة ، وقد تخفف الهمز ، كما يقال خطية وخطيئة ، والصابيون والصابئون ، وتخفيف الهمز أصل ، ونقل الحركة أصل ، والبدل والقلب أصل ، كلّه لغوى ، وما كان ينبغي أن يخفى هذا على الطبري.
وأما فصل التعدي فضعيف ؛ فإنّ الأفعال المتعدية بالوجهين من وجوه حرف الجر ، وفي تعدّيها به وعدمه كثيرة.
المسألة الثانية ـ في كيفية النسيء ثلاثة أقوال :
الأول ـ عن ابن عباس أنّ جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافى الموسم كلّ عام ، فينادى : ألا إن أبا ثمامة لا يعاب ولا يجاب ، ألا وإن صفرا العام الأول حلال ، فنحرمه عاما ونحلّه عاما ، وكانوا مع هوازن وغطفان وبنى سليم.
__________________
(١) الآية السابعة والثلاثون.
(٢) سورة التوبة ، آية ٦٧.
(٣) سورة البقرة ، آية ١٠٦