إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فسلهم الجزية ، وإن هم أجابوك فاقبل منهم ، وكفّ عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وذكرنا في الحديث في البخاري وغيره من الصحيح أنّ عمر توقّف في أخذ الجزية من المجوس ، حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
ووجه قول ابن وهب أنه ليس في العرب مجوس ، لأنّ جميعهم أسلم ، فمن وجد منهم بخلاف الإسلام فهو مرتدّ ؛ يقتل بكل حال إن لم يسلم ، ولا يقبل منه جزية.
والصحيح قبولها من كل أمة وفي كل حال عند الدعاء إليها والإجابة بها.
المسألة الثامنة ـ ومحلّها من المشركين الأحرار البالغون العقلاء دون المجانين ، وهم الذين يقاتلون ، دون النساء والصبيان لذلك.
واختلف في الرهبان ؛ فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تؤخذ منهم.
قال مطرّف ، وابن الماجشون : هذا إذا لم يترهّب بعد فرضها ، فإن فرضت ، لم يسقطها ترهّبه. وهذا مبنيّ على قول أبى بكر : وستجد قوما حبسوا أنفسهم لله ، فذرهم وما حبسوا أنفسهم له ، فإذا لم يهيجوا ولم يقتلوا لم تطلب منهم جزية ، لأنها بدل عن القتل.
المسألة التاسعة ـ قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ) : فيه خمسة عشر قولا :
الأول ـ أن يعطيها وهو قائم والآخذ جالس ؛ قاله عكرمة.
الثاني ـ يعطونها عن أنفسهم بأيديهم يمشون بها ؛ قاله ابن عباس.
الثالث ـ يعنى من يده إلى يد آخذه ، كما تقول : كلمته فما لفم ، ولقيته كفّة كفّة(١) ، وأعطيته يدا عن يد.
الرابع ـ عن قوة منهم.
الخامس ـ عن ظهور.
السادس ـ غير (٢) محمودين ولا مدعوّ لهم.
السابع ـ توجأ (٣) عنقه.
__________________
(١) في اللسان : لقيته كفة كفة ـ بفتح الكاف : أى كفاحا ، وذلك إذا استقبلته مواجهة (كف).
(٢) في ل : عن غنى.
(٣) في ل : عن عهد.