وقد روى البخاري ، عن ابن أبى لجيم ـ قلت لمجاهد : ما بال أهل الشام عليهم أربعة دنانير ، وعلى أهل اليمن دينار؟
قال : إنما جعل ذلك من أجل اليسار.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ : خذ من كل حالم دينارا أو عدله معافرى (١) ، ثم ضرب الجزية عمر في زمانه على ما تقدم ؛ فدلّ على أنه إنما يراعى في ذلك الثروة والقلّة.
المسألة السابعة ـ في محل الجزية أربعة أقوال :
الأول ـ أنها تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو غيرهم.
الثاني ـ قال ابن القاسم : إذا رضيت الأمم كلّها بالجزية قبلت منهم.
الثالث ـ قال ابن الماجشون : لا تقبل.
الرابع ـ قال ابن وهب : لا تقبل من مجوس العرب ، وتقبل من غيرهم.
وجه من قال : إنها تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو غيرهم تخصيص الله بالذكر أهل الكتاب.
وأما من قال : إنها تقبل من الأمم كلها فالحديث الصحيح في كتاب مسلم (٢) وغيره ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة أوصاه في خاصّته بتقوى الله ومن معه من المؤمنين خيرا. ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلّوا ، ولا تغدروا ولا تمثّلوا ، ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال ، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكفّ عنهم : ادعهم إلى الدخول في الإسلام ، فإن فعلوا فاقبل منهم وكفّ عنهم ، ثمّ ادعهم إلى التحوّل عن دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم بأنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذي يجرى على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ،
__________________
(١) في النهاية : من المعافري. قال : وهي برود باليمن ، منسوبة إلى معافر ، وهي قبيلة باليمن.
(٢) صحيح مسلم : ١٣٥٧