الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ). والذين يختصّون بفرض الجزية عليهم هم أهل الكتاب دون غيرهم من صنف الكفار ، وهذا صحيح على أحد الأقوال على ما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
المسألة الرابعة ـ فإن قيل : أليس النصارى واليهود يؤمنون بالله واليوم الآخر؟
قلنا : عنه جوابان :
أحدهما ـ أنا قد بيّنا أنّ أحدا منهم لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.
الثاني ـ أنهم وإن كانوا يؤمنون بالله وباليوم الآخر فإنهم قد كذّبوا الرسول ، ولم يحرّموا ما حرّم الله ورسوله ، ولا دانوا بدين الحق.
المسألة الخامسة ـ قوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) :
فيها ثلاثة أقوال :
أحدهما ـ أنها عطية مخصوصة.
الثاني ـ أنها جزاء على الكفر.
الثالث ـ أنّ اشتقاقها من الإجزاء بمعنى الكفاية ، كما تقول : جزى كذا عنّى يجزي إذا قضى.
المسألة السادسة ـ في تقديرها :
روى ابن القاسم ، وأشهب ، ومحمد بن الحارث بن زنجويه ، وابن عبد الحكم ، عن مالك ـ أنها أربعة دنانير على أهل الذهب ، وأربعون درهما على الورق (١) ، وإن كانوا مجوسا.
وكذلك روى مالك ، عن نافع ، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر [بن الخطاب رضى الله عنه] (٢) ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير ، وعلى أهل الورق أربعين درهما ، مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام.
وقيل : إنّ ذلك غير مقدّر ، وإنما هو على قدر ما يراه الإمام ويجتهد فيه ؛ من الغنى والفقر ، والقلّة والكثرة ، والاقتداء بعمر أسوة.
__________________
(١) الورق : الدراهم المضروبة (المختار).
(٢) من ل.