فيها إحدى عشرة مسألة :
المسألة الأولى ـ قوله : (فَإِذَا انْسَلَخَ (١) الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) :
فيها أربعة أقوال :
الأول ـ أنها الأشهر الحرم المعلومة : رجب الفرد ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم.
الثاني ـ أنها شوّال من سنة تسع إلى آخر المحرم.
الثالث ـ أنها أربعة أشهر من يوم النحر من سنة تسع.
الرابع ـ أنها تمام تسعة أشهر كانت بقيت من عهدهم بناء على أنّ المراد بالمشركين الذين عاهدوا ثم لم ينقضوا.
المسألة الثانية ـ أما القول الأول فساقط لا ينبغي أن نشتغل به ؛ لانعقاد الإجماع على فساده ؛ ويأتى تمامه إن شاء الله في هذه السورة.
وأما سائر الأقوال فمحتملة ، إلّا أن الصحيح عندنا أربعة أشهر من يوم النحر كما تقدم ، وهو الوقت الذي كان فيه الأذان ، وبه وقع الإعلام ، وعليه ترتب حلّ العقد المرتبط إليه وبناء الأجل المسمّى عليه.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) :
هذا اللفظ وإن كان مختصّا بكل كافر بالله ؛ عابد للوثن في العرف ، ولكنه عامّ في الحقيقة لكلّ من كفر بالله ، أما أنه بحكم قوة اللفظ يرجع تناوله إلى مشركي العرب الذين كان العهد لهم وفي جنسهم ، ويبقى الكلام فيمن كفر من أهل الكتاب غيرهم ، فيقتلون بوجود علّة القتل وهي الإشراك فيهم ، إلا أنه قد وقع البيان بالنص عليهم في هذه السورة ، ويأتى الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) : عام في كل مشرك ، لكن السّنّة خصّت منه من تقدم ذكره قبل هذا (٢) من امرأة وصبيّ ، وراهب ، وحشوة (٣) ،
__________________
(١) انسلخ : خرج. وسلخت الشهر إذا صرت في أواخر أيامه ، أى خرجت منه (القرطبي : ٩ ـ ٧٢).
(٢) في سورة البقرة.
(٣) حشوة الناس ـ بضم الحاء وكسرها : رذالهم (اللسان).