سورة التّوبة
قال علماؤنا : هذه السورة من آخر ما نزل بالمدينة ، ولذلك قلّ فيها المنسوخ ، ولها ستة أسماء : التوبة ، والمبعثرة ، والمقشقشة ، والفاضحة ؛ وسورة البحوث ، وسورة العذاب.
فأما تسميتها بسورة التوبة فلأنّ الله ذكر فيها توبة الثلاثة الذين خلّفوا بتبوك.
وأما تسميتها بالفاضحة فلأنه نزل فيها : ومنهم ، ومنهم. قالت الصحابة : حتى ظنّنا أنها لا تبقى أحدا.
وأما تسميتها المبعثرة فمن هذا المعنى ، يقال : بعثرت المتاع : إذا جعلت أعلاه أسفله ، وقلبت جميعه وقلبته ، ومنه (١) : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ).
وأما تسميتها المقشقشة فمن الجمع ، فإنها جمعت أوصاف المنافقين ، وكشفت أسرار الدين.
وأما تسميتها سورة البحوث فمن بحث : إذا اختبر واستقصى ، وذلك لما تضمّنت أيضا من ذكر المنافقين والبحث عن أسرارهم.
وأما تسميتها سورة العذاب فقد روى عن ثابت بن الحارث الأنصارى أنه قال : ما كانوا يدعون سورة التوبة إلا المبعثرة ، فإنها تبعثر أخبار المنافقين.
وروى عن ابن عمر أنه قال : ما كنّا ندعوها إلا المقشقشة.
وروى عن قتادة أنه قال : مثل براءة كمثل المرود ما يدرى أسفله من أعلاه.
القول في سقوط بسم الله الرحمن الرحيم منها :
وفي ذلك للعلماء أغراض جماعها أربعة (٢) :
الأول ـ قال مالك ـ فيما روى عنه ابن وهب ، وابن القاسم ، وابن عبد الحكم : إنه لما سقط أولها سقط بسم الله الرحمن الرحيم معه.
__________________
(١) سورة الانفطار ، آية ٤.
(٢) ابن كثير : ٢ ـ ٣٣١ ، والقرطبي (٩ ـ ٦١).