فإن قيل : وكذلك الحرائر.
قلنا : حلّوا بدليل آخر. وقيل : عنى بذلك نساء بنى إسرائيل دون سائر الأمم الذين دانوا بدين بنى إسرائيل.
والصحيح أنهم داخلون معهم في ذبائحهم ونكاحهم لقوله : فإنه منهم.
فإن قيل : فما المراد بقوله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ) : هل المراد بذلك نفس الإعطاء والالتزام ، أو يكون المراد من تقبل منهم الجزية؟
قلنا : أما مذهب ابن عباس فلقد تلوته عليكم. وأما سائر العلماء فيقولون : إنما المراد من يقبل منه الجزية ، لقوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ). وذكر الجزية إنما هو في القتال لا في النكاح ، إلا أنّ العلماء كرهوا نكاح الحربية لئلا يولد له فيهم فينتصروا (١) وتجرى عليهم أحكامهم.
المسألة العاشرة ـ قوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) :
قد تقدم في سورة النساء ، وأراد به في قول علمائنا غير متعالنين بالزنا كالبغايا ، ولا ممن يتّخذ أخدانا ، معناه يختص بزان معلوم وبزانية معلومة. وفي هذا تخصيص قوله تعالى (٢): (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ...) الآية كما تقدم بيانه.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (٣) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
فيها اثنتان وخمسون مسألة :
المسألة الأولى ـ ذكر العلماء أنّ هذه الآية من أعظم آيات القرآن مسائل وأكثرها
__________________
(١) في ل : فيتنصر.
(٢) سورة النور ، آية ٣.
(٣) الآية السادسة من السورة.