المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ) إلى قوله : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ).
دليل قاطع على أنّ الصيد وطعام أهل الكتاب من الطيبات التي أباحها الله عز وجل ، وهو الحلال المطلق ، وإنما كرره الله سبحانه ليرفع الشكوك ويزيل الاعتراضات ، [ولكن الخواطر الفاسدة هي التي توجب الاعتراضات] (١) ، ويخرج إلى تطويل القول. ولقد سئلت عن النصراني يفتل عنق الدجاجة ثم يطبخها : هل يؤكل معه أو تؤخذ طعاما منه؟ وهي :
المسألة الثامنة ـ فقلت : تؤكل ، لأنها طعامه وطعام أحباره ورهبانه ، وإن لم تكن هذه ذكاة عندنا ، ولكن الله تعالى أباح طعامهم مطلقا ، وكلّ ما يرونه في دينهم فإنه حلال لنا في ديننا ، إلّا ما كذّبهم الله سبحانه فيه.
ولقد قال علماؤنا : إنهم يعطوننا أولادهم ونسائهم ملكا في الصلح فيحلّ لنا وطؤهنّ ، فكيف لا تحل ذبائحهم والأكل دون الوطء في الحلّ والحرمة.
المسألة التاسعة ـ قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) :
قد تقدم (٢) ذكر ذلك في سورة النساء ، وبيّنا اختلاف العلماء واحتمال اللفظ لأن يكون المحصنات من المؤمنات الحرائر والعفائف.
وقد روى عن عمر في ذلك روايات كثيرة في قصص مختلفة ، منها أن امرأة من همدان يقال لها نبيشة بغت ، فأرادت أن تذبح نفسها فأدركوها فقدوها (٣) ، فذكروه أيضاً لعمر ابن الخطاب فقال : أنكحوها نكاح الحرة العفيفة المسلمة.
وقال الشعبي : إحصانها أن تغتسل من الجنابة وتحصن فرجها من الزنا.
وسئل ابن عباس عن هذه النازلة فقال : من نساء أهل الكتاب من يحلّ لنا ، ومنهم من لا يحلّ لنا ، ثم تلا (٤) : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ـ إلى قوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ). قال : فمن أعطى الجزية حلّ لنا نساؤهم ، ومن لم يعط لم يحلّ لنا نساؤه.
ومن هاهنا يخرج أنّ نكاح إماء أهل الكتاب لا يجوز لأنهن لا جزية عليهن.
__________________
(١) من ل.
(٢) سورة النساء ، آية ٢٣ ، ٢٤ ، وقد تقدم ذلك في صفحة ٣٨١
(٣) في ا : فداووها.
(٤) سورة التوبة ، آية ٢٩.