فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم : إنما هو الرأى والمكيدة لأنى رأيت العرب قد رمتكم بقوس واحدة فأردت أن أدفعها عنكم إلى يوم.
فقال السعدان : إنا كنا كفّارا ، وما طمعوا منها بتمرة إلا بشراء أو بقرى ، فإذا أكرمنا الله بك فلا نعطيهم إلا السيف ؛ وشقّا الصحيفة التي كانت كتبت.
الآية الثامنة عشرة ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ. الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (حَرِّضِ) ؛ أى أكّد الدعاء ، وواظب عليه ، يقال : حارض على الأمر ، وواظب ـ بالظاء المعجمة ، وواصب بالصاد غير المعجمة ، وواكب ـ بالكاف : إذا أكد فيه ولازمه.
المسألة الثانية ـ القتال : هو الصدّ عن الشيء بما يؤدّى إلى القتل.
المسألة الثالثة ـ قوله : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ ...) الآية.
قال قوم : كان هذا يوم بدر ثم نسخ ، وهذا خطأ من قائله ؛ لأن المسلمين كانوا يوم بدر ثلاثمائة ونيّفا ، وللكفار كانوا تسعمائة ونيّفا ؛ فكان للواحد ثلاثة. وأما هذه المقابلة وهي الواحد بالعشرة فلم ينقل أنّ المسلمين صافّوا (٢) المشركين عليها قطّ ، ولكن الباري فرض ذلك عليهم أولا ، وعلّله بأنكم تفقهون ما تقاتلون عليه ، وهو الثواب. وهم لا يعلمون ما يقاتلون عليه. ثم نسخ ذلك. قال ابن عباس : كان هذا ثم نسخ بعد ذلك بمدة طويلة وإن كانت إلى جنبها.
المسألة الرابعة ـ قوله : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) :
أما التخفيف فهو حطّ الثقل.
__________________
(١) الآية الخامسة والستون ، والسادسة والستون.
(٢) في ا : أصابوا.