أحدهما ـ أنّ الرواية لم ترد عن النبىّ صلى الله عليه وسلم بأن يسهم لأكثر من فرس واحد.
الثاني ـ أنّ المفاضلة في أصل الغناء والمنفعة قد روعيت ؛ فأما زيادتها فزيادة تفاصيلها ، فليس لها أصل في الشريعة يرجع إليه ، ولا ينضبط ذلك فيها ؛ لأنّ القتال لا يكون إلا على فرس واحد ، فالزيادة عليه لا تؤثّر في الحال ، وإنما يظهر تأثيرها في المال في بعض الأحوال ؛ فلا حظ في الاعتبار لذلك.
المسألة العاشرة ـ لا حقّ في الغنائم للحشوة كالأجراء والصناع الذين يصحبون الجيوش للمعاش ؛ لأنهم لم يقصدوا قتالا ، ولا خرجوا مجاهدين.
وقيل : يسهم لهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : الغنيمة لمن شهد الوقعة. وهذا منه صلى الله عليه وسلم إنما جاء لبيان خروج من لم يحضر القتال عن الاستهام ، وأنها لمن باشره وخرج إليه.
وقد بيّن الله سبحانه أحوال المقاتلين وأهل المعاش من المسلمين ، وجعلهم فرقتين متميزتين لكل واحدة حالها وحكمها ، فقال (١) : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ). إلا أن هؤلاء إذا قاتلوا لم يضرهم كونهم على معاشهم ؛ لأنّ سبب الاستحقاق قد وجد منهم.
وتفصيل المذهب أنّ من قاتل أسهم له ، إلا أن يكون أجيرا للخدمة ، فقال ابن القصار : لا سهم له حينئذ ، وإن قاتل. والأول أصح.
المسألة الحادية عشرة ـ العبد لا سهم له لأنه ليس ممن خوطب بالقتال ، لاستغراق بدنه بحقوق السيد. فأما الصبىّ فلا سهم له أيضا إلا أن يكون مراهقا للبلوغ مطيقا للقتال فيسهم له عندنا.
وقال الشافعى وأبو حنيفة : لا يسهم له ؛ لأنه لم يبلغ حد التكليف ، فلا يكون من
__________________
(١) سورة المزمل ، آية ٢٠