أهل الجهاد ، فلا يكون من أهل القتال. وقد ثبت عن ابن عمر أنه قال : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربعة عشرة سنة فلم يجزنى ، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازنى. فقال جماعة منهم الشافعىّ : إنما ذلك حدّ البلوغ. وقاله بعض أصحابنا ـ منهم ابن وهب ، وابن حبيب.
والصحيح أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم نظر في ذلك إلى إطاقته للقتال ، فأما البلوغ فلا أثر له فيه ، وقد أمر في بنى قريظة (١) أن يقتل منهم من أنبت ، ويخلّى من لم ينبت ؛ وهذه مراعاة لإطاقة القتال أيضا لا للبلوغ على ما بيناه في مسائل الخلاف.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) :
هذا خطاب للمسلمين من غير خلاف لا مدخل فيه للكفار ولا للنساء ، وإنما (٢) خوطب به من قاتل الكفار وهم المسلمون ، وخوطب به من يقاتل من المسلمين دون من لا يقاتل.
فأما المرأة فلا سهم لها فيه وإن قاتلت إلا عند ابن حبيب ؛ وهذا ضعيف لما ثبت في الصحيح : إنّ النساء كن يحذين (٣) من الغنيمة ولا يسهم لهنّ ؛ فإن القتال لم يفرض عليهن ، والسهم لم يقض به لهن.
وأما العبيد وأهل الذمة فإذا خرجوا لصوصا ، وأخذوا مال أهل الحرب فهو لهم ولا يخمس ؛ لأنه لم يدخل في الخطاب أحد منهم.
وقال سحنون : لا يخمس ما ينوب العبد. وقال ابن القاسم : يخمس ؛ لأنه يجوز أن يأذن له سيّده في القتال ويقاتل عن الدين بخلاف الكافر. فأما إذا كانوا في جملة الجيش ففيه أربعة أقوال :
الأول ـ أنه لا يسهم لعبد ولا للكافر يكون في الجيش ؛ قاله مالك ، وابن القاسم.
زاد ابن حبيب ـ وهو القول الثاني : ولا نصيب لهم.
__________________
(١) في ا : قزعة.
(٢) في ل : لأنه إنما خوطب.
(٣) يحذين : يعطين الحذوة ، وهي العطية.